وأما أنّه لا بد وأن يتعذر على المبعوث إليه المعارضة ؛ لأنّه لو لم يكن كذلك ؛ لكان النّبي مساويا لمن ليس بنبىّ فى ذلك ، ويخرج المعجز عن كونه نازلا من الله ـ تعالى ـ منزلة التصديق.
وهل يشترط / / أن يكون المعارض مماثلا لما أتى به الرّسول ينظر ، فإن كان تحدّيه بخارق معيّن وأنّ أحدا لا يقدر على الإتيان بمثله ؛ فلا بدّ من المماثلة.
وإن لم يكن ما تحدى به معيّنا ؛ بل قال إنّنى آت بخارق للعادة ولا يقدر أحد على الإتيان بالخارق ، فأكثر أصحابنا اشترطوا المماثلة أيضا.
والّذي اختاره القاضى : أن المماثلة غير مشترطة ؛ وهو الحق لتبيين المخالفة فيما ادعاه.
وأما أنّها لا بدّ وأن تكون ظاهرة مع دعوى النّبي وعلى وفقها :
فلأنّ الخارق لو ظهر على يد غير مدّعى النّبوّة ، أو على يده لكن على خلاف ما ادّعاه ؛ فلا يكون نازلا منزلة التّصديق من الله ـ تعالى ـ له ولا يشترط التّصريح بالتّحدى كما ذهب إليه بعضهم ؛ بل يكفى فى ذلك قرائن الأحوال ، وذلك كما لو ادّعى النّبوة فقيل له لو كنت صادقا ؛ لظهرت الآية على صدقك ؛ فدعا الله ـ تعالى بظهورها ؛ فظهورها يكون دليلا على صدقه ، ويكون ذلك نازلا منزلة التّصريح بالتّحدى.
وأمّا أنّه يجب أن لا يكون ما ظهر على يده مكذّبا له :
وذلك كما إذا قال أنا رسول ، وآية صدقى أن ينطق الله ـ تعالى يدى فلو نطقت يده قائلة إنه كاذب فيما يدّعيه ؛ لم يكن ذلك آية على صدقه ؛ بل على كذبه ؛ لأن المكذب هو نفس الخارق ، وهذا بخلاف ما لو قال آية صدقى إحياء هذا الميّت فأحياه قائلا :
إنّ هذا المدّعى كاذب واستمرّ على الحياة والتّكذيب ؛ فإنه لا يعتدّ بتكذيبه ولا يكون مؤثرا فى دلالة الاحياء على صدقه ؛ إذ المعجز إنّما هو الإحياء وهو غير مكذّب له ، والمكذّب إنّما هو كلام الشخص الّذي خلقت فيه الحياة ، وهو غير معجز ، وهذا / مما لا
__________________
/ / أول ل ٧٠ / ب.