الثالث : أنه يلزم من صدور المعصية عن الرسول إيذاؤه بزجره ، والإنكار عليه ؛ لأن إنكار المنكر واجب ، وإيذاء الرسول ممتنع لقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) (١).
الرابع : أنه لو صدرت المعصية من الرسول.
فإما أن نكون مأمورين باتباعه ، أو لا نكون مأمورين باتباعه.
والأول : محال لقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) (٢).
والثانى : محال لقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) (٣) ، ولقوله ـ تعالى ـ : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (٤).
الخامس : لو صدرت عنه المعصية ؛ لكان من أهل جهنم لقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) (٥). وذلك أيضا خلاف الإجماع.
السادس : أنه يلزم من صدور المعصية عن الرسول ، أن يكون ظالما لنفسه ، ويلزم من ذلك أن يكون ملعونا ؛ لقوله ـ / / تعالى ـ : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (٦) ، وأن لا ينال عهد الله ؛ لقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٧). قال ابن عباس : المراد بالعهد هاهنا الإمامة ، ومعناه أن الظالمين لا يأتم ، بهم ويلزم من ذلك أن لا يكون الرسول مؤتما به ؛ وهو محال.
والجواب :
لا نسلم أنه يلزم من صدور المعصية عن النبىّ أمر ممتنع.
__________________
(١) سورة الأحزاب ٣٣ / ٥٧.
(٢) سورة الأعراف ٧ / ٢٨.
(٣) سورة آل عمران ٣ / ٣١.
(٤) سورة الأحزاب ٣٣ / ٢١.
(٥) سورة الجن ٧٢ / ٢٣.
/ / أول ل ١٠٣ / أ.
(٦) سورة هود ١١ / ١٨.
(٧) سورة البقرة ٢ / ١٢٤.