قولهم : يلزم من ذلك أن يكون ظالما لنفسه ، وأن يكون ملعونا.
لا نسلم ذلك : وقوله ـ تعالى ـ : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (١) ، لا يعم كل ظالم ؛ بل هو خاص فى الظالمين (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ) (٢) على ما نطقت به الآية ، وذلك / غير مقصور فى حق من اقتصر على فعل الصغيرة ؛ فلا تكون الآية متناولة له.
قولهم : ويلزم منه أن لا ينال عهد الله ، وأن العهد هو الإمامة.
قلنا : فقد قال غير ابن عباس من أهل التفسير : معناه ليس فى عهدى أن ينال الظالمون جزائى ، وثوابى يوم القيامة. وليس فى ذلك ما يدل على أنه لا يثبت ، وإن كان ليس فى عهده ، وليس أحد التفسيرين أولى / / من الآخر.
وإن سلمنا أن المراد بالعهد ما ذكروه ، غير أن العاصى كان ظالما فى نفس الأمر لنفسه.
ولكن لا نسلم العموم فى لفظ الظالمين.
وإن سلمنا صيغة العموم فيه ؛ فيجب تخصيصه بالظالمين أصحاب الكبائر ، جمعا بينه ، وبين ما ذكرناه من الأدلة ؛ فإن الجمع أولى من التعطيل.
الشبهة الثالثة :
لو وجدت المعاصى من الأنبياء ؛ لكانت الملائكة أفضل منهم ؛ لأن الملائكة معصومون على ما يأتى تحقيقه. والأنبياء غير معصومين ، فقد قال الله ـ تعالى ـ : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) (٣). وقال ـ تعالى ـ : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٤). واللازم ممتنع بالإجماع من الأشاعرة والشيعة.
__________________
(١) سورة هود ١١ / ١٨.
(٢) سورة الأعراف ٧ / ٤٥.
/ / أول ل ١٠٣ / ب.
(٣) سورة ص ٣٨ / ٢٨.
(٤) سورة الحجرات ٤٩ / ١٣.