الفصل الأول
فيما قيل من عصمة الملائكة عليهمالسلام
وقد اختلف المتكلمون فى ذلك نفيا ، وإثباتا محتجين فى كل واحد من الطرفين بحجج ، وها نحن نذكر الأشبه منها ، وننبه على ما فيها (١).
أما القائلون بنفى العصمة : فقد احتجوا بحجتين :
الحجة الأولى :
هى أن إبليس كان من الملائكة ، وقد عصى بمخالفة أمر الله ـ تعالى ـ له بالسجود لآدم. ودليل أنه كان من الملائكة وقد عصى بمخالفة أمر الله ـ تعالى ـ أمران :
الأول : أنه استثناه من الملائكة ، وذلك يدل على أنه من جنسهم.
الثانى : أن الأمر بالسجود لآدم إنما كان للملائكة. بدليل قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) (٢) ، ولو لم يكن إبليس من الملائكة ؛ لما كان عاصيا ، ولا مخالفا للأمر ؛ لأن أمر الملائكة لا يكون أمرا له ، ودليل عصيانه قوله ـ تعالى ـ : (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ).
الحجة الثانية :
قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) (٣). وفى الآية احتجاجات كثيرة غير أنا نقتصر على ما هو الأشبه منها وذلك من أربعة أوجه : ـ
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة انظر من الكتب المتقدمة على الأبكار.
الفصل فى الملل والأهواء والنحل لابن حزم ج ٣ / ٣٠٣ وما بعدها ، ج ٤ / ٦١. وما بعدها.
وأصول الدين للبغدادى ص ٢٩٥.
ومن كتب المتأخرين المتأثرين بالآمدي :
شرح المواقف فى علم الكلام للجرجانى : الموقف السادس ص ١٦٢. وما بعدها.
وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ١٤٦. وما بعدها.
(٢) سورة البقرة ٢ / ٣٤.
(٣) سورة البقرة ٢ / ٣٠.