الفصل الثانى
فيما قيل فى التفضيل بين الملائكة والأنبياء
عليهمالسلام (١)
مذهب أكثر أئمتنا ، والشيعة ، وأكثر الناس أن الأنبياء عليهمالسلام أفضل من الملائكة.
وذهبت الفلاسفة ، والمعتزلة ، والقاضى أبو بكر من أصحابنا : إلى أن الملائكة أفضل من الأنبياء.
احتج أصحابنا بأن آدم أفضل من الملائكة ، وبيان كونه أفضل من الملائكة أن الملائكة أمروا بالسجود لآدم لقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) (٢).
وقوله ـ تعالى ـ للملائكة : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ* فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) (٣) ، وأمرهم بالسجود له مع أن السجود من أعظم أنواع الخدمة ، والتذلل بين يدى المسجود له ؛ فدل على أن آدم ـ عليهالسلام ـ أفضل عند الله ـ تعالى ـ من الملائكة ، على ما هو المعتاد المتعارف.
وذلك لا يخلو : إما أن يكون فى حالة كونه نبيا ، أو قبل النبوة. فإن كان الأول : فهو المطلوب.
وإن كان الثانى : فلا يخفى أنه إذا كان قبل نبوته أفضل من الملائكة ؛ فبعد نبوته ؛ أولى أن يكون أفضل.
فإن قيل : ما ذكرتموه : إنما يصح أن لو تصور السجود الحقيقى وهو وضع الجبهة على محل السجود فى حق الملائكة.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة بالإضافة لما ورد هاهنا :
انظر أصول الدين للبغدادى ص ٢٩٥ وما بعدها ، وشرح المواقف المقصد الثامن فى تفضيل الأنبياء على الملائكة ص ١٦٦ وما بعدها.
وشرح المقاصد ٢ / ١٤٧ وما بعدها ، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبى العز الحنفى ص ٣١٨ وما بعدها.
(٢) سورة البقرة ٢ / ٣٤.
(٣) سورة ص ٣٨ / ٧١ ، ٧٢.