وهو غير مسلم ؛ فإن ذلك : إنما يتصور بالنسبة إلى الأجسام المتحيزة المتنقلة ، والملائكة ؛ فلا نسلم أنها أجسام ، ولا جواهر متحيزة حتى نتصور عليها الحركة ، والانتقال ؛ بل هى جواهر بسيطة معقولة مبرأة عن الحلول فى المواد ، وهى مع ذلك : إما غير متعلقة بعلائق المادة : كالعقول. وإما متعلقة بعلائق المادة : كالنفوس الفلكية.
سلمنا تصور السجود الحقيقى فى حقها ؛ ولكن ما المانع أن يكون المراد بأمرها بالسجود ، التواضع الملازم للسجود تعبرة باسم الشيء عما يلازمه ، ومن تواضع لغيره ، لا يدل ذلك على أنه أنقص مرتبة من ذلك الغير ، ودليل هذا التأويل ما سيأتى.
سلمنا أن المراد به حقيقة السجود ، ولكن لا نسلم أن السجود كان لآدم ؛ بل كان لله ـ تعالى ـ وآدم قبلة له ، وقبلة السجود لا تكون أفضل من الساجد إليها.
سلمنا أن السجود كان لآدم ، ولكن لا نسلم دلالة ذلك على كون آدم أفضل من الملائكة ، إلا أن يكون عرف الملائكة فى السجود للغير كعرفنا ؛ وهو غير مسلم.
وما المانع أن يكون عرفهم فى السجود كونه قائما مقام السلام فى عرفنا ، ورتبة المسلم ، لا يلزم أن تكون أنقص من رتبة / المسلم عليه.
سلمنا أن عرفهم فى السجود للغير كعرفنا ؛ لكن ما المانع أن يكون أمرهم بالسجود له ، لا لفضله بالنسبة إليهم ، بل بطريق الابتلاء والامتحان ؛ ليتبين المطيع من المعاصى منهم.
سلمنا دلالة ما ذكرتموه على أن آدم أفضل من الملائكة ، لكن ليس فيه ما يدل على تفضيل جملة الأنبياء على الملائكة.
سلمنا دلالته على تفضيل جملة الأنبياء على الملائكة ، غير أنه معارض بما يدل على تفضيل الملائكة على الأنبياء ، وبيانه من جهة المعقول ، والمنقول : ـ
أما من جهة المعقول :
فهو أن أشخاص الملائكة جواهر روحانية ، نورانية ، علوية فى جوار رب العالمين دائمة غير كائنة ، ولا فاسدة ، وهى مبادئ جميع الموجودات الكائنة الفاسدة ، مختصة بالهياكل العلوية الشريفة ، والكواكب السيارة المدبرة لها فى عالم الكون والفساد ، غير