محجوبة عن تجلى الأنوار. القدسية لها ، ولا ممنوعة من الالتذاذ بها فى وقت من الأوقات ، ولا فى حالة من الحالات ، لنوم ولا غفلة ، ولا شهوة ، ولا غضب ، ولا غيره ؛ بل هى / / فى الالتذاذ ، والنعيم بما تشاهده ، وتطالعه من العالم القدسى ، والنور الربانى دائما أبدا سرمدا ، بخلاف أشخاص الأنبياء عليهمالسلام ؛ فإنها أجسام كثيفة ، مظلمة كائنة فانية فاسدة ، معلولة للملائكة ، محبوبة فى أكثر الأوقات بما يستولى عليها من الغفلة ، والذهول ، والغضب ، والمرض ، والهم ، والشهوة ، والنوم ، وغير ذلك من الأسباب المانعة من هذه الكمالات ، وحصول هذه الالتذاذات ؛ فكانت أنقص رتبة من الملائكة.
وأما من جهة المنقول :
فمن خمسة عشر وجها : ـ
الأول : قوله ـ تعالى ـ فى وصف الملائكة : (وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) (١) ، وصفهم بأنهم «عنده» وليس المراد به الجهة ، إذ لا جهة له ؛ فيتعين أن تكون العندية بمعنى الفضيلة ، والمزية فى الرتبة ، واستدل بعدم استكبارهم عن عبادته ، على امتناع استكبار البشر عن عبادته بطريق الأولى ، وذلك دليل مزيتهم ، وعلو مرتبتهم بالنسبة إلى البشر ؛ فإنهم لو كانوا مساوين لهم ، أو أنقص منهم ؛ لما حسن هذا الاستدلال.
الثانى : أن عبادات الملائكة أشق من عبادات البشر ؛ فكان ثوابها أكثر ، ولا معنى لكونهم أفضل ، غير أن ثوابهم أكثر. وبيان أن عباداتهم أشق ؛ لأنها مستمرة ، منفصلة ، لا يلحقها انقطاع ولا فتور بغفلة ، ونوم ، وغيره لقوله ـ تعالى ـ : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٢) ، وأنها / أكثر ؛ لطول أعمار الملائكة بالنسبة إلى أعمار البشر ، وما كان كذلك ؛ فهو لا محالة أشق.
وأما أن ثوابهم أكثر : فدليله النص ، والمعنى :
__________________
/ / أول ل ١٠٥ / ب.
(١) سورة الأنبياء ٢١ / ١٩.
(٢) سورة الأنبياء ٢١ / ٢٠.