بالتّصديق ؛ لفوات الشرط وهو العلم بكونه معجزا. ولو تأخر المدعو به إلى ما بعد موت المدّعى ووقع على وفق ما أخبر به ؛ فقد اتّفق القاضى مع المعتزلة على امتناعه. ومستند القاضى فيه إلى أن تجويز ذلك مما يفضى إلى رفع كرامات الأولياء ، فإنه ما من كرامة تظهر على يد ولىّ الا ومن المحتمل أن تكون معجزة لنبىّ سابق ؛ وهو باطل بما لو تأخر المدعو به أزمنة متطاولة غير أنه وقع قبل الموت.
وأما المعتزلة : فقد تمسّكوا فى ذلك بأن التّصديق والتّكذيب من صفات الموجود من الأحياء ، والميت ليس كذلك ؛ فلا يتصوّر التّصديق له ، والتّكذيب.
وأيضا فإنّ تجويز ذلك ممّا يفضى إلى منع المكلفين من التوصل إلى الرّتب العليّة باكرام من كان نبيّا ، واجلاله فى محلّه ؛ لعدم العلم بنبوّته فى حالة حياته وهذا ليس بعذر ؛ وهما فاسدان.
أما الأول :
فلأنه لا مانع من التّصديق له : بمعنى التبيين ؛ لكونه كان صادقا.
وأما الثانى :
فهو مبنى على رعاية المصلحة ؛ وقد أبطلناه (١).
كيف وأنه يلزم على ما ذكروه أن يبعث الله نبيّا فى وقتنا / هذا لتحصيل الرّتب العلية بالتزامه ؛ وهو خلاف الإجماع من المسلمين ، وكل ما يعتذرون به هاهنا أمكن أن يقال مثله فيما نحن فيه.
والحقّ فى ذلك : ما ذهب إليه المحقّقون من أصحابنا : من إلحاق هذه الصورة بتأخير الموعود به مع بقاء المدّعى حيا غير أنه لو شرع مع ذلك شريعة [لا يكون أحد مكلفا بها قبل ظهور الموعود] (٢) به ، ويكون مكلفا بها بعد ظهوره.
__________________
(١) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع السادس ـ الأصل الأول ـ المسألة الثالثة ل ١٨٦ / أو ما بعدها.
(٢) فى (أ) (لا يكون مكلفا بها قبل الموعود).