بالسجود لآدم : إنما كان بطريق التفضيل له على الملائكة ، ولو كان قبلة للسجود كما ذكروه ؛ لما كان كذلك ، وبهذا يندفع ما ذكروه من السؤالين الآخرين بعده.
قولهم : ليس فى ذلك ما يدل على تفضيل جملة الأنبياء على الملائكة.
عنه جوابان :
الأول : أن القائل قائلان : قائل يقول بتفضيل جملة الأنبياء على جملة الملائكة. وقائل يقول بتفضيل جملة الملائكة على جملة الأنبياء. والإجماع من الفريقين منعقد على امتناع التفضيل ، فمهما سلم تفضيل بعض الأنبياء على الملائكة ؛ لزم تفضيل كل نبى عليهم عملا بموافقة الدليل فى البعض ، ولضرورة امتناع خرق الإجماع فى التفضيل.
الثانى : أنه إذا ثبت فضل آدم ـ عليهالسلام ـ على الملائكة فمن كان مساويا له من الأنبياء فى الفضيلة ، أو كان أفضل منه ؛ لزم أن يكون أفضل من الملائكة ضرورة ، وذلك كاف فى إثبات فضيلة البعض ، وإبطال قول الخصم بتفضيل الملائكة على جملة الأنبياء.
قولهم : ما ذكرتموه معارض بما يدل على فضل الملائكة على الأنبياء.
قلنا : لا نسلم وجود المعارض.
قولهم : أشخاص الملائكة جواهر روحانية.
قلنا : فضيلة أشخاص الملائكة على أشخاص الأنبياء : إما من جهة كونها جواهر ، وإما من جهة اتصافها بما ذكروه من الصفات.
فإن كان الأول : فإنما يصح أن لو اختلفت أنواع الجواهر ؛ وهو غير مسلم على ما سبق من أصلنا.
وإن كان الثانى : فلا بد من النظر فى كل واحد مما ذكروه من الصفات.
أما قولهم : إنها روحانية : إن أرادوا به أنها أرواح لغيرها ؛ فغير مسلم ؛ بل هى أجسام ذوات أرواح حية ، عالمة ، قادرة ، مريدة كغيرها من الأحياء.
وإن أرادوا بذلك اتصافها بالروح ، والراحة ؛ فمسلم ؛ ولكن لا نسلم دلالة ذلك على فضيلتها بالنسبة إلى الأنبياء ، وإلا كان من اتصف بالروح ، والراحة أكمل ، وأفضل ممن