احتج أصحابنا على جواز إعادة ما عدم مطلقا (١) بحجتين :
الأولى : أنّا قد بيّنا أن كل موجود ممكن ، فهو جائز العدم / / على ما سبق فى مسألة الفناء.
وكل ما هو جائز العدم ؛ ففرض عدمه لا يلزم عنه المحال لذاته ، وإلا لما كان جائز العدم. وكل ما يمكن فرض عدمه بعد وجوده ؛ فوجوده بعد عدمه ممكن ، وهو المعنى بإعادة ما عدم.
وبيان أن وجوده بعد عدمه ممكن :
أنه لا يخلو : إما أن يكون ممكن الوجود لذاته ، أو ممتنع الوجود / لذاته ، أو واجب الوجود لذاته.
لا جائز أن يكون واجب الوجود لذاته ؛ وإلا لما عدم.
ولا جائز أن يكون ممتنع الوجود لذاته ؛ وإلا لما كان موجودا.
فلم يبقى إلا أن يكون ممكن الوجود لذاته ؛ وهو المطلوب.
الحجة الثانية : هو أن الإعادة إحداث (٢) ، واختراع (٣) كما أن النشأة الأولى إحداث ، واختراع ؛ فهما من هذا الوجه متماثلان ، والتفاوت بينهما : إنّما هو من جهة أن النشأة الأولى غير مسبوقة بوجود قبل عدم ، والإعادة مسبوقة بوجود قبل عدم. وهذه السبقية غير مؤثرة فى اختلاف ذات الحدوث ، والاختراع من حيث هو كذلك ؛ إذ الاختلاف بين الذوات : إنما يكون بالصفات النفسية الذاتية ، لا بالنسب والإضافات الخارجة.
__________________
(١) انظر استدلال الأشاعرة على جواز إعادة ما عدم مطلقا بالإضافة إلى ما ورد هاهنا فى المواقف ص ٣٧١ وشرحها ـ الموقف السادس ص ١٧٧ وما بعدها. وشرح المقاصد ٢ / ١٥٣.
/ / أول ل ١٠٩ / أمن النسخة ب.
(٢) الإحداث : إيجاد شيء مسبوق بالزمان. (التعريفات ص ٢٢). والحادث : ما يكون مسبوقا بالعدم ، ويسمى حدوثا زمانيا ، وقد يعبر عن الحدوث بالحاجة إلى الغير ، ويسمى حدوثا ذاتيا. (التعريفات ص ٩٣).
(٣) الاختراع : إحداث شيء على غير مثال سابق. وفى اصطلاح الحكماء إيجاد شيء غير مسبوق بالعدم. (شرح الطوسى على الإشارات ص ٢١٦ ، ٢٣٧).