فإن كان الأول : لزم تعلق مقدور واحد بقدرتين ، وكما يمتنع وجود مقدور بقادرين ، يمتنع وجود مقدور بقدرتين.
وإن كان الثانى : فهو ممتنع ؛ لأنّه لو صلحت القدرة الواحدة لإحداث العرض ، وإعادته ؛ لكانت صالحة لإنشاء مثله فى وقت إعادته فى محله وذلك ممتنع ؛ لأنه لو جاز أن يصدر عن القدرة الواحدة أمور متماثلة فى محل واحد ؛ لجاز على الذرة حمل الجبال الراسيات ، وذلك بأن يفعل فى كل جزء من الجبال بعدد أجزائها ، أجزاء من الاعتمادات العلوية الموجبة لرفع الجبل ؛ وذلك محال خارق للعوائد.
وعلى هذا : فيمتنع على الله ـ تعالى ـ إعادة ما كان من أفعاله مجانسا لفعل العبد كما قاله الجبائى (١) ؛ لأنه إذا امتنع عليه إعادة مثله ؛ امتنع عليه إعادته.
والجواب
أما ما ذكروه من دعوى الضرورة فى المغايرة ، فإن ادعوا العلم الضرورى بالمغايرة بين الإعادة ، والنشأة الأولى ؛ فهو مسلم ، وإن ادعوا المغايرة بين المعاد والمنشأ أولا فقد ادعوا الضرورة فى محل النزاع ، وليس ذلك أولى من دعوى ضرورة الاتحاد (٢).
قولهم : ما المانع أن يكون جائز الوجود لذاته فى النشأة الأولى ، ممتنع الوجود فى زمن الإعادة؟.
قلنا : لأن الإعادة لا معنى لها غير الإحداث ، والاختراع لما كان قد عدم بعد اختراعه ، والإحداث ، والاختراع الثانى غير مخالف للأول من حيث هو كذلك ، وما وقع به التفاوت بينهما فى التقدم والتأخر ، فغير موجب للاختلاف بين ذاتيهما ؛ إذ هو مجرد نسبة وإضافة ، والنسب والإضافات غير مانعة من التماثل. فلو كان الشيء لذاته مما يمتنع عليه الحدوث والاختراع فى حالة من الأحوال بعد عدمه ، لامتنع عليه ذلك مطلقا ؛ لأنّ حكم الذات لا يختلف. وخرج عن ما ذكرناه ، الأعراض ؛ فإن ما قضى بجوازه عليها [لذاتها إنما هو الحدوث والاختراع. وما قضى بامتناعه عليها] (٣). لذاتها إنما هو البقاء ، والبقاء مخالف للحدوث ، والاختراع.
__________________
(١) راجع مقالته فيما مر ل ١٩٥ / أ.
(٢) قارن هذا الرد بما ذكره فى غاية المرام فى علم الكلام ص ٢٨١ وما بعدها.
(٣) ساقط من (أ).