من الأشاعرة : أن ذلك جائز عقلا ، وواقع سمعا. بدليل قوله عليهالسلام «إن سن الكافر تصير فى النار مثل أحد (١). وقوله عليهالسلام «يصير جلد الكافر فى النار أربعين ذراعا بذراع الجبار (٢). هو ضرب من الدرعان. وما ورد فى ذلك مما صحت الروايات به عند أهل النقل فكثير غير قليل.
فإن قيل : ما ذكرتموه من السمعيات وإن كانت ظاهرة فى الدلالة على حشر الأجساد ونشرها ، غير أنه يتعذر العمل بها فيما هى ظاهرة فيه لوجوه ثمانية :
الأول : أنه لو اغتذى إنسان بلحم إنسان بحيث استحال ، وصار لحم الأول ، أو بعضه جزءا من أجزاء المغتذى. فعند إعادتهما يستحيل أن تعود تلك الأجزاء إلى كل واحد منهما بحيث يكون جزء ، من هذا ، وجزءا من هذا ، فلم يبقى إلا أن تعود إلى أحدهما ، أو لا تعود إلى واحد منهما.
فإن كان الأول : فالشخص الآخر غير معاد بجملة أجزائه ، وليس أحدهما أولى من الآخر.
وإن كان الثانى : فكل واحد منهما غير معاد ؛ بل بعضه ، وليس إعادة بعض الأجزاء دون البعض أولى من العكس.
الثانى : أنه لا يخلو : إما أن تعاد جميع أجزاء البدن التى حصلت فى حالة الحياة وتحللت. أو الأجزاء التى كانت حاصلة له حالة الموت.
فإن كان الأول : فهو ممتنع لوجهين : ـ
الأول : أنه من المحتمل أن تكون تلك الأجزاء المنفصلة عنه فى حالة الحياة قد صارت جزءا من جسم غذائى اغتذى به إنسان آخر ، وصارت جزء منه.
وعند ذلك : فإما أن يقال بإعادتها فى كل واحد من الشخصين ، أو فى أحدهما ، أو لا فى واحد منهما ، ويلزم المحالات السابق ذكرها.
__________________
(١) رواه مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أحد ، وغلظ جلده مسيرة ثلاث» (صحيح مسلم : كتاب الجنة وصفة نعيمها ـ باب النار يدخلها الجبارون ، والجنة يدخلها الضعفاء ٤ / ٢١٨٩).
(٢) رواه الترمذي عن أبى هريرة رضى الله عنه بلفظ : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا وان ضرسه مثل أحد ، وأن مجلسه من جهنم كما بين مكة ، والمدينة» وقال هذا حديث حسن صحيح غريب ـ الترمذي ـ كتاب صفة جهنم ، باب فى عظم أهل النار ٤ / ٧٠٣.