الأصل الثالث
فى جواز البعثة عقلا (١)
مذهب أهل الحقّ : أن بعثة الرّسول ممكنة أن تكون ، وأن لا تكون وسواء كان الرّسول مبتدئا بشريعة ، أو مقرّرا لشريعة غيره من غير زيادة ، ولا نقصان.
وذهبت الفلاسفة : إلى أنّها واجبة عقلا (٢).
وأما المعتزلة : فمنهم من قال بوجوب البعثة مطلقا (٣).
ومنهم من فصّل وقال : إذا علم الله أنّه لو بعث رسولا إلى أمّة من الأمم أمنوا به ، كان الإرسال واجبا عقلا ؛ لما فيه من الاستصلاح. وإن علم أنّهم لا يؤمنون به : فالإرسال إليهم يكون حسنا ولا يكون واجبا.
وذهب أبو هاشم : إلى امتناع البعثة الخلية عن تعريف الأمور الشّرعية التى لا يستقل العقل بها (٤).
وذهب الجبّائى : إلى جواز البعثة للتّذكير بالواجبات العقليّة لا غير ، ولتقرير شريعة من تقدّم من غير زيادة ، ولا نقصان. وسواء اندرست شريعة المتقدم ، أم لا (٥).
ومن المعتزلة من فصّل بين أن تكون شريعة المتقدّم مندرسة أو غير مندرسة ؛ / فجوّز فى الأوّل ، ومنع فى الثّاني.
__________________
(١) قارن بما ورد فى غاية المرام للآمدى ص ٣٤١ وما بعدها وأصول الدين للبغدادى ص ١٥٤ وما بعدها ، والتمهيد للباقلانى ص ١٠٧ وما بعدها ، ونهاية الأقدام للشهرستانى ص ٤١٧ وما بعدها ، والمغنى فى أبواب التوحيد والعدل للقاضى عبد الجبار ١٥ / ١٩ وما بعدها. وشرح الأصول الخمسة له أيضا ص ٥٦٨ وما بعدها. وشرح المواقف : الموقف السادس ص ٧٢ وما بعدها. وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ١٢٨ وما بعدها.
(٢) قارن بما ورد فى شرح المواقف : الموقف السادس ص ٧٢ وما بعدها.
(٣) انظر المغنى فى أبواب التوحيد والعدل. الجزء الخامس عشر ص ٦٣ وما بعدها (فصل فى أن بعثة الرسول متى حسنت وجبت وما يتصل بذلك من بيان وجه الوجوب)
(٤) قارن بما ورد فى شرح المواقف : الموقف السادس ص ٧٢.
(٥) قارن بما ورد فى شرح المواقف : الموقف السادس ص ٧٢.