فلا بد لها من جامع يجمعها ، ويكون هو المتصرف فيها ، وليس ذلك شيء من أجزاء البدن ، ولا ما هو قائم به.
فإذن هو ما يشير كل واحد إليه أنه هو ذاته ، مع قطع النظر عن جميع الأجزاء البدنية الظاهرة ، والباطنة ، وذلك هو النفس الإنسانية (١).
ثم اختلف هؤلاء فى أربعة مواضع :
الأول : فى قدم النفس الإنسانية ، وحدوثها.
الثانى : فى وحدتها ، وتكثّرها.
الثالث : فى أنها هل تفوت بفوات البدن ، أم لا؟
الرابع : فى أنها هل تنتقل إلى بدن آخر ، أم لا؟
الموضع الأول : اختلفوا فى قدمها ، وحدوثها.
فقال أفلاطون ، (٢) ومن تابعه : إنها قديمة.
وقال أرسطاطاليس (٣) ، ومن تابعه : إنها حادثة بحدوث / بدنها.
وقد احتج القائلون بقدمها بحجتين :
الحجة الأولى : أنهم قالوا لو كانت حادثة بعد أن لم تكن ؛ لكان لها فاعل يحدثها ، وذلك الفاعل : إما أن يكون قديما ، أو حادثا.
لا جائز أن يكون حادثا ؛ وإلا فالكلام فيه كالكلام فيما عند حدوثه ، ويلزم منه التسلسل ، أو الدور ؛ وهما ممتنعان.
فلم يبق إلا أن يكون قديما ، أو مستندا إلى القديم ، ويلزم من قدم العلة قدم معلولها ؛ لاستحالة انفكاكه عنها.
__________________
(١) انظر ما استدل به الفلاسفة على تجرد النفس الإنسانية فى تهافت الفلاسفة للامام الغزالى ص ٢٥٠ ، وتهافت التهافت لابن رشد القسم الثانى : ٨٢ ـ ٨٥.
(٢) راجع ترجمته فى هامش ل ٥٠ / ب من الجزء الثانى.
وانظر رأيه فى محاورات أفلاطون ـ فيدون ـ ترجمة د. زكى نجيب محمود ص ٢٠٩.
(٣) راجع ترجمته فى هامش ل ٨٥ / أمن الجزء الثانى. وراجع رأيه فى الفلسفة الإغريقية للدكتور محمد غلاب ٢ / ٨٠.