للنفس وللبدن من جهة النفس ، وأن اختلاف التابع لا يؤثر فى اختلاف المتبوع ، وهذا كله فخارج عن الإمكان ، ومخالف للحس والعيان ؛ فإذن النفس متعددة لا متحدة.
ثم اختلف هؤلاء : فمنهم من زعم أن الاختلاف بين النفوس الإنسانية بالنوع والحقيقة.
ومنهم من زعم : أنها متحدة بالنوع مختلفة بالشخصى ، والعرض.
وقد احتج الأولون بأنا قد نجد فى الناس العالم والجاهل ، والقوى والضعيف ، والخسيس والنفيس والخير ، والشرير ، والغضوب والحمول ، والصبور والملول. إلى غير ذلك من الاختلافات فى القوى ، والهمم ، والأخلاق. وذلك : إما أن يرجع إلى غرائز نفوسهم الأصلية وفطرتها الأولية ، وإما أن يكون ذلك كله اكتسابيا ، عرضيا ، مأخوذا من اختلاف أمزجة الأبدان.
لا جائز أن يقال بالثانى : فإنا إذا اعتبرناه أدّانا الاعتبار أن بدن الإنسان قد يتغير مزاجه من جهة أخلاق النفس حيث يغضب ؛ فيسخن مزاجه ويغتم فينحف ، ويهزل ، ويفرح فيطرب ويخصب ، ولم تكن الحرارة فى مزاج بدنه أوجبت فى نفسه الغضب ؛ بل حالة الغضب الطارئة على نفسه ، أوجبت حر مزاجه ؛ فكانت بعض أحوال البدن لازمة عن أحوال النفس.
ولهذا كان تغير أحوال النفس بالعادات ، مغيرا لأحوال الأبدان ، وناقلة / / لها من شأن إلى شأن ، حتى أنها تتبدل مع تبدل الأمزجة والأشكال ؛ فتنقل خلقة الشرير إذا صار خيرا إلى خلقة الأخيار ، وكذلك بالعكس وهذا كله يشهد بأن هذا الاختلاف ليس إلا لاختلاف جواهر الأنفس ، لا لاختلاف أمزجة الأبدان.
وأيضا : فإنا قد نشاهد اختلاف النفوس / بأمور لا تعلق لها بالأبدان ، وأمزجتها ، والأجسام ، وأشكالها : كمحبة الصنائع ، والعلوم ، والميل إلى فنون منها ، دون فنون.
وأيضا : فانه لو كان ذلك الاختلاف لاختلاف المزاج ؛ لما بقى الإنسان على خلق واحد نفسانى عند تبدل مزاجه ، وانتقاله من ضدّ إلى ضدّ من حار إلى بارد ، ومن بارد :
__________________
/ / أول ل ١١٥ / أ.