والثانى محال ؛ لتجدده بعد اللمس.
وربما قيل فى إبطاله وجوه أخرى ضعيفة أبطلناها فى كتاب دقائق الحقائق (١).
والقول بفوات النفس عند فوات ذلك المزاج ، لا يدل على كونه هو النفس ؛ لجواز أن يكون غيرها وهو ملازم لها ثم إنه كما أن النفس تفوت بفوات المزاج ؛ فقد تفوت بفوات واحد من الأخلاط ، والأخلاط عند هذا القائل ليست نفسا. ثم لو كان كل ما تفوت النفس بفواته يكون نفسا ؛ لكان للشخص الواحد نفوس كثيرة ، وهى ما تفوت بها النفس من الأخلاط وصفة الحياة.
وما قيل من أن النفس من جملة القوى الفعالة (٢) ، فليس أولى من قول القائل أنها المزاج ، ثم إن القوى عرض ، والنّفس لا تكون عرضا ؛ لما تقدّم فى المزاج ، وبه يبطل القول بأنّ النّفس هى الحياة.
والقول بأنّها الشّكل الخاص ، والتخّطيط باطل بما بعد الموت ، فإنّ النّفس مفارقة للبدن بالإجماع مع بقاء الشكل الخاص ، والتخطيط.
والقول بأن النّفس هى الجثّة الخاصة المركبة من الجواهر والأعراض ، القائمة بها ؛ فيلزم به أن تكون الأعراض القائمة بها مأخوذة فى حقيقة النفس ووجودها والأعراض متجددة ؛ فتكون النفس متجددة ؛ ويلزم عليه المحالات السّابقة (٣).
والقول بأن النفس جسم مركب من العناصر فى داخل هذه الجثة الخاصة ؛ فليس أولى من غيره من الأقوال (٤).
قولهم : بأن النفس مدركة للمركبات ، وإنما يدرك الشيء بشيء يشبهه ، فيلزم أن لا تكون النفس مدركة لما تركب من العناصر ، وطبيعته مخالفة لطبيعتها فى التركيب وأن لا تكون نفس الإنسان مدركة للفرس ، والحمار ، ونحوه من أنواع المركبات فإنها وإن شابهتها فى كونها مركبة من العناصر عند هذا القائل ، فغير شبيهة لها فى نفس التأليف والمزاج.
__________________
(١) راجع مؤلفات الإمام الآمدي فى قسم الدراسة ص ٩٤ ـ ٩٨ ففيه معلومات وافية عن كتاب دقائق الحقائق.
(مكتبة كلية أصول الدين).
(٢) راجع ما مر ل ٢٠١ / ب.
(٣) راجع ما مر ل ٤٤ / ب.
(٤) راجع ما مر ل ٢٠١ / ب.