وأما حجج التفريع الثالث : وهو أن النفس هل تفوت بفوات البدن أم لا؟ فمدخولة.
أما الحجة الأولى : على امتناع / بقائها : فمبنية على امتناع وجود النفس قبل وجود بدنها ، وقد سبق إبطال حججهم على ذلك (١) ، وبتقدير امتناع سبق النفس على البدن فى الوجود ، فالقول بامتناع وجودها بعد مفارقتها لبدنها ؛ لامتناع وجودها [قبله تمثيل من غير دليل وما هو المساعد فى امتناع وجودها] (٢) قبل وجود البدن غير متحقق بعد المفارقة وذلك لأن امتناع وجودها قبل البدن إنما كان عندهم ؛ لاستحالة وجودها متحدة ومتكثرة على ما قرروه (٣) ؛ وهو غير مساعد بعد المفارقة إذ أمكن القول بتكثرها ، بسبب نسبتها إلى ما كان لها من أبدانها ؛ وذلك غير متحقق قبل وجود الأبدان ؛ فافترقا.
/ / وأما الحجة الثانية : فمبنية على أن النفس من فعل الطبيعة ، وأن وجود النفس قبل البدن يكون معطلا ، وقد سبق إبطاله (٤).
وأما حجة القول بالتفصيل ؛ وهو القول ببقاء الأنفس الكاملة دون غيرها ؛ ففاسدة أيضا.
قولهم : لأن أفعال النفس منها ما يكون بالبدن والآلة ، ومنها ما يكون للنفس لذاتها ؛ فهو باطل.
أما القسم الأول ؛ فلأنه مبنى على أن النفس فى بعض أفعالها تفتقر إلى آلة وبنية مخصوصة ، وأما الثانى فمبنى على أن النفس قد تعقل بذاتها ، وقد أبطلناهما ، وبينا أن كل الأفعال للأنفس وغيرها ليس إلا عن فاعل قديم مختار كما سبق (٥).
وبتقدير التسليم لما ذكروه من القسمين ، غير أنه يمتنع القول بوجوب عدم النفس إذا لم يكن قد تكملت بالعلوم ولا بقيت فاعلة بالآلة ؛ إذ هو مبنى على امتناع وجود النفس معطلة عن الأفعال ، وقد أبطلناه فيما تقدم.
وأما حجج القول بوجوب بقاء النفس بعد المفارقة مطلقا ، فمدخولة أيضا.
__________________
(١) انظر ما مر ل ٢٠٤ / أ.
(٢) ساقط من أ.
(٣) قارن بما ورد فى غاية المرام للآمدى ص ٢٧٣.
/ / أول ل ١٢٠ / أ.
(٤) قارن بما ورد فى غاية المرام ص ٢٤٣.
(٥) راجع ما مر ل ٢١٠ / أ.