ولا تكون هذه القوى من قبل الصورة المقومة للنفس ، ثم يلزم على ما ذكروه ؛ امتناع قبول الصور الجوهرية العنصرية للفساد ؛ ضرورة بساطتها ، وعدم التركيب فيها ، ولم يقولوا به (١) وكل ما هو جواب لهم فى الصور العنصرية ؛ فهو جواب فى النفوس الإنسانية.
وإن سلمنا أن ذلك يفضى إلى التركيب فى النفس ، ولكن لا نسلم امتناعه ، وما ذكروه فى تقرير امتناعه ؛ فقد أبطلناه ، فيما تقدم (٢).
وأما التفريع الرابع : المتعلق بالتناسخ :
أما حجة القائلين بوجوب التناسخ : فمبنية على أن النفس باقية بعد فوات البدن ، وقد بينا إبطال أدلتهم على ذلك (٣).
وبتقدير بقائها بعد مفارقة بدنها ؛ فلا نسلم امتناع قيامها بنفسها مجردة عن الأبدان ، وما ذكروه من دليل امتناع وجود النفس قبل وجود بدنها ؛ فقد سبق (٤) إبطاله.
وإن سلمنا امتناع / وجودها سابقة على وجود بدنها ؛ ولكن لا نسلم مساعدة دليل ذلك بعد مفارقة البدن على ما سبق تحقيقه (٥) ، ثم لو وجب التناسخ ؛ امتنع بقاء النفس دون بدن تتصل به ؛ فلا يخلوا : إما أن يكون كل بدن اتصلت به قد اتصلت قبله ببدن آخر إلى غير النهاية ، أو يقف الأمر على بدن لم تتصل قبله ببدن آخر.
فإن كان الأول : لزم منه وجود أبدان كائنة متعاقبة غير متناهية ؛ وهو محال كما سبق فى إثبات واجب الوجود (٦).
وإن كان الثانى : فذلك البدن لا يخرج عن أن يكون نفيسا ، أو خسيسا. وأى الأمرين قدر ؛ فهى لم تستحقه ؛ بناء على فعل لها سابق عليه ؛ وهو خلاف أصل هذا القائل.
وأما حجج القائلين بامتناع التناسخ : فضعيفة أيضا.
__________________
(١) قارن بما فى غاية المرام ص ٢٧٥.
(٢) راجع ما مر ل ٢٠٥ / أ.
(٣) انظر ما مر ل ٢١٣ / ب.
(٤) راجع ما مر ل ٢١١ / أوما بعدها.
(٥) راجع ما مر ل ٢١١ / ب.
(٦) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الأول ـ المسألة الأولى : فى إثبات واجب الوجود لذاته ل ٤١ / أوما بعدها.