فإن كانت مقصودة له فلا يخلو] (١) : إما أن يكون ما فهم من دلالته فى محل النطق ، أو فى غيره.
فإن كان مفهوما منها فى محل النطق : فهو ينقسم إلى : ما يسمى دليل الاقتضاء ، وإلى ما يسمى دليل التنبيه والإيماء.
أما دليل الاقتضاء (٢) : فينقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول : ما يفهم من اللفظ ضرورة صدق المتكلم ، كفهم نفى الصحة ، أو الكمال من قوله عليه / السلام «لا صيام لمن يبيت الصيام من الليل (٣)».
الثانى : ما يفهم من اللفظ ضرورة وقوع الملفوظ به شرعا : كفهم حصول الملك لمن قال لغيره اعتق عبدك عنى على ألف قبيل العتق (٤).
الثالث : ما يفهم من اللفظ ضرورة وقوع الملفوظ به عقلا : كفهم الوطء من قوله ـ تعالى ـ : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) (٥).
وأما دليل التنبيه والإيماء (٦) : وذلك كفهم كون الوصف علة للحكم المرتّب عليه بفاء التعقيب كما فى فهم كون السرقة علة للقطع من قوله ـ تعالى ـ : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (٧). أو من ذكره مع حكم لو لم يقدر التعليل به ؛ لكان ذكره عبثا : كفهم كون الطوف فى الهرة علة طهارتها من قوله عليهالسلام : «إنها من الطوافين عليكم أو الطوافات» (٨). والأقسام كثيرة ذكرناها فى كتبنا المخصوصة بهذا الفن (٩).
وأما إن كان المفهوم من دلالة اللفظ فى غير محل النطق فلا يخلوا : إما أن يكون المفهوم منه فى غير محل النطق مماثلا للمفهوم منه فى محل النطق ، أو مخالفا له.
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) دلالة الاقتضاء : ما كان المدلول فيه مضمرا : إما لضرورة صدق المتكلم وإما لصحة وقوع الملفوظ به (الإحكام فى أصول الأحكام للآمدى ٣ / ٦١).
(٣) رواه أبو داود عن حفصة أم المؤمنين ـ رضى الله عنها (كتاب الصيام ـ باب النية فى الصيام ٢ / ٣٢٩). وراجع الإحكام للآمدى ٣ / ٥٦ المسألة الرابعة.
(٤) قال الآمدي فى الإحكام ٣ / ٦ : «فإنه يستدعى تقدير سابقة انتقال الملك إليه ضرورة توقف العتق شرعا عليه».
(٥) سورة النساء ٤ / ٢٣.
(٦) دلالة التنبيه والإيماء : ما كان التعليل لازما من مدلول اللفظ وصفا لا أن يكون اللفظ دالا بوضعه على التعليل ، وهو ستة أقسام (الإحكام ٣ / ٢٢٤ وما بعدها).
(٧) سورة المائدة ٥ / ٣٨.
(٨) رواه ابن ماجة (١ / ١٣١) كتاب الطهارة ـ باب الوضوء بسؤر الهرة : والرخصة فى ذلك. وأخرجه الدارمى (١ / ١٥٣) كتاب الصلاة والطهارة ـ باب الهرة إذا ولغت فى الإناء.
(٩) انظر : الإحكام فى أصول الأحكام للآمدى ٣ / ٢٢٤ وما بعدها.