واعدادهما يدل / ظاهرا ، على وجودهما ؛ لاتفاق أهل اللغة على أن إعداد الشيء ، ينبئ عن وجوده ، وثبوته ، والفراغ منه.
[ولهذا لو قال القائل لغيره : لقد أعددت لك طعاما ؛ فإنه يتبادر إلى الفهم وجود الطعام ، والفراغ منه] (١).
وأيضا. ما ورد فى حق آدم وحواء من إسكانهما الجنة وإهباطهما منه بقوله ـ : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) (٢) وقوله ـ تعالى ـ : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً) (٣) وهذا يدل على كون الجنة مخلوقة.
وأيضا. قوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ١٣ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى ١٤ عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) (٤) أخبر ـ تعالى ـ عن وجود جنة المأوى ، وعن موضعها ؛ فدل على كونها مخلوقة.
وأما السنة : فأخبار صحاح رواها مسلم فى صحيحه. منها ما يخص الجنة. ومنها ما يخص النار ، ومنها ما يعم الأمرين :
أما ما يخص الجنة : فمنها ما روى عنى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : «سيحان ، وجيحان ، والفرات ، والنيل كل من أنهار الجنة» (٥) ، وذلك يدل عن وجودها.
وأيضا ما روى عنه ـ عليهالسلام ـ أنه قال حكاية عن ربه «أعددت لعبادى الصّالحين : ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر» (٦).
والإعداد يدل على الوجود على ما سبق ؛ وذلك لا يكون إلا فى الجنة.
وأيضا ما روى عنه : عليهالسلام ـ أنه قال «إنّ فى الجنّة شجرة يسير الرّاكب تحتها مائة عام» (٧) ولو لم تكن الجنة موجودة لما قال فيها ؛ بل سيكون : وقد أجمع المفسرون على أن المراد بلفظ الجنة فى هذه الأحاديث الجنة التى كان آدم فيها وأهبط منها ـ وأنّها هى دار الثّواب؟
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) سورة البقرة ٢ / ٣٥.
(٣) سورة البقرة ٢ / ٣٨.
(٤) سورة النجم ٥٣ / ١٣ ، ١٤ ، ١٥.
(٥) رواه مسلم ـ كتاب الجنة ـ باب ما فى الدنيا من أنهار الجنة ٤٠ / ٢١٨٣.
(٦) رواه مسلم ـ كتاب الجنة ـ ٤ / ٢١٧٤ ، ٢١٧٥.
(٧) رواه مسلم ٤ / ٢١٧٥. كتاب الجنة.