الآية الثالثة : قوله ـ تعالى : ـ (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) (١) وقد اختلف أهل التفسير فى ذلك :
فمنهم من حمل المعيشة الضّنك على عذاب القبور ، ومنهم من حملها على سوء الحال ، ونكد العيش حالة الحياة ؛ غير أن الأول أولى ، وأقرب إلى الظاهر ، وذلك لأن من أعرض عن ذكر الله ـ تعالى ـ قد يكون فى الدنيا فى أنعم عيش وأرغده ، والمؤمن على الضد منه على ما هو المشاهد المحسوس ، ولهذا قال عليهالسلام «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» (٢).
فلو كان المراد بالمعيشة الضنك : المعيشة فى حالة الحياة ؛ لكانت هذه الأمور على خلاف ظاهر الآية.
وأما السنة : فأخبار صحيحة فى صحيح مسلم منها ما روى عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه مر بقبرين فقال : إنهما ليعذّبان وما يعذّبان فى كبير أمّا أحدهما فكان لا يستنزه من البول ، وأما الثانى فكان يمشى بالنّميمة» (٣).
وأيضا ما روى عنه عليهالسلام أنه قال «استنزهوا [من البول] (٤) فإن عامة عذاب القبر من البول» (٥).
وأيضا قوله عليهالسلام فى سعد بن معاذ «لقد ضغطته الأرض ضغطة اختلفت لها ضلوعه (٦)».
وأيضا ما روى عنه عليهالسلام «إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه» (٧) وقد حمله المؤولون على ما إذا وصى بذلك.
__________________
(١) سورة طه ٢٠ / ١٢٤.
(٢) رواه الترمذي عن أبى هريرة ، وقال : حديث حسن صحيح.
(٣) متفق على صحته : رواه البخارى ١ / ٢٧٣ فى الوضوء باب من الكبائر.
ورواه مسلم ٣ / ٢٠٠ وما بعدها ـ كتاب الطهارة ـ باب الدليل على نجاسة البول ، ووجوب الاستبراء منه ـ عن ابن عباس رضي الله عنه.
(٤) ساقط من (أ).
(٥) رواه مالك فى الموطأ ـ كتاب الطهارة ١ / ١٨.
(٦) رواه مسلم ـ كتاب فضائل الصّحابة ـ باب فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه ٤ / ١٩٢٥.
(٧) رواه مسلم ـ كتاب الجنائز ـ ٦ / ٢٢٨ «حدثنا نافع عن عبد الله أنّ حفصة بكت على عمر فقال مهلا يا بنيّة ألم تعلمى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الميت يعذّب ببكاء أهله عليه».