الرياح العواصف ؛ فإنا نعلم استحالة عذابه ، ومسائلته فى تلك الحالة ؛ لأنه إن كان ذلك من غير حياة ؛ فهو محال ؛ وان كان مع الحياة. [فالحياة] (١) ، لا تقوم بالأجزاء الفردة دون تأليف خاص ؛ وإلا لجاز أن يقال بأن ما من جوهر [يوجد (٢)] إلا وهو حي ، عالم ، قادر ، مريد ، مكلف ، والقول بذلك مما لا يرتضيه لنفسه محصل.
وإن سلمنا الإمكان العقلى غير أن ما ذكرتموه من الظواهر معارض بمثلها
الأول : منها قوله حكاية عن الكفار إذا حشروا (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) (٣) وهو دليل ظاهر على أنهم لم يكونوا [معذبين] (٤) قبل ذلك.
الثانى : قوله ـ تعالى ـ : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) (٥) وهو خلاف قول من يقول بأن الميت يحيى للمسألة ثم يموت.
الثالث : قوله ـ تعالى ـ : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) (٦) فإنه يدل على الإحياء ابتداء ثم الإماتة ، ثم الإحياء للحشر من غير مزيد ، ومن قال بالإحياء للمسألة وبالموت بعدها ، فقد زاد على مدلول الآية.
الرابع : قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) (٧) وقوله ـ تعالى ـ : (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٨) وهو خلاف القول بالمساءلة / لاستدعائها ، السمع ، والإسماع.
والجواب :
أما ما ذكروه من الشبهة الأولى ؛ فقد اختلف المتكلمون فى جوابها.
فمنهم من قال : بالتزام الثّواب والعقاب ، فى حق الموتى ، من غير حياة ، كما حكيناه عن الصالحى ، وابن جرير الطبرى ، وبعض الكرامية (٩) ، وهو مكابرة للمعقول.
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) ساقط من (أ).
(٣) سورة يس ٣٦ / ٥٢.
(٤) ساقط من (أ).
(٥) سورة الدخان ٤٤ / ٥٦.
(٦) سورة البقرة ٢ / ٢٨.
(٧) سورة النمل ٢٧ / ٨٠.
(٨) سورة فاطر ٣٥ / ٢٢.
(٩) انظر رأيهم فيما سبق ل ٢١٩ / أ.