من الورود على جهنم على ما قال ـ تعالى ـ : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) (١). وإذا جاز ذلك ، جاز ما هو مثله فى المشقة أو أدنى ، وما ذكروه فى تأويل الصراط فهو مدفوع بإجماع الأمة السالفة قبل ظهور المخالفين على تفسيره بما ذكرناه : من أنه جسر على متن جهنم ، وأن عبور الخلائق كلهم عليه (٢).
كيف وفى الأخبار ما يدل على امتناع حمله على الطريق إلى جهنم ، حيث أنه وصف المؤمنين بسرعة العبور ، دون غيرهم.
ولو كان الصراط طريقا إلى جهنم ، لا أنه جسر على جهنم ؛ لكان الأمر بالعكس.
وأما الميزان (٣) : فقد أثبته الأشاعرة ، والسلف ، وأكثر المسلمين ؛ وأنكره المعتزلة. لكن منهم من أحاله عقلا ، ومنهم من جوزه عقلا ، وإن لم يقض بثبوته كالعلاف ، وبشر ابن المعتمر.
وقد أحتج أهل الحق فى ذلك ـ بأن نصب الميزان ممكن ، والنصوص دالة عليه ؛ فوجب إثباته.
أما الجواز العقلى : فإثباته بما تقدم.
وأما النصوص الدالة عليه : فمنها قوله ـ تعالى ـ : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) (٤) وقوله ـ تعالى ـ : (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ* أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ) (٥) وقوله ـ تعالى ـ : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) (٦) وقوله ـ تعالى ـ : (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) (٧) الآية
__________________
(١) سورة مريم ١٩ / ٧١.
(٢) راجع مقالات الإسلاميين ٢ / ١٤٦ وأصول الدين للبغدادى ص ٢٤٦ وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٢٣١ ، وشرح المقاصد ٢ / ١٦٤.
(٣) لمزيد من البحث والدراسة بالإضافة لما ورد هاهنا انظر : الإرشاد لإمام الحرمين الجوينى ص ٣٨٠ ، والاقتصاد للغزالى ص ١٢٥. نهاية الأقدام للشهرستانى ص ٤٦٩ ، ٤٧٠. وأصول الدين للبغدادى ص ٢٤٦ وغاية المرام للآمدى ص ٣٠٥ ، ٣٠٦ ومن كتب المعتزلة : انظر شرح الأصول الخمسة للقاضى عبد الجبار ص ٧٣٥ ، ٧٣٦.
وانظر شرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٢٢٩ وشرح المقاصد ٢ / ١٦٤ وشرح الطحاوية ص ٤٧٩ ـ ٤٨٣.
(٤) سورة الأنبياء ٢١ / ٤٧.
(٥) سورة الرحمن ٥٥ / ٧ ، ٨.
(٦) سورة الأعراف ٧ / ٨ والآية ساقطة من (أ).
(٧) سورة المؤمنون ٢٣ / ١٠٢ ، ١٠٣.