الفصل الأول
فى استحقاق الثواب والعقاب
قد بينا فى التعديل والتجوير أنه من مذهب أهل الحق أنه لا يجب على الله ـ تعالى ـ شيء (١).
وأنه إن أنعم فبفضله ، وإن انتقم فبعدله.
ووافقهم على ذلك البلخى من المعتزلة.
وذهب الباقون من المعتزلة إلى أنه يجب على الله ـ تعالى ـ عقلا أن يثيب المطيع على طاعته ، إذا لم يقارنها محبط.
وأن يعاقب العاصى على معصيته إن مات من غير توبة (٢).
محتجين على ذلك بقولهم : إنّا نعلم بقضية العقل أنّ المطيع المحسن مستوجب للتعظيم ، ورفع الدرجة ، وأن العاصى مستوجب لضد ذلك.
وأيضا : فإن الرب ـ تعالى قد أوجب الطاعات على المكلفين ، فإما أن يكون ذلك لفائدة ، أو لا لفائدة.
لا جائز أن تكون لا لفائدة ؛ إذ هو عبث ، وسفه.
وإن كان لفائدة : فإما أن تعود إلى الخالق ، أو إلى العبد.
لا جائز أن تعود إلى الخالق // ؛ إذ هو يتعالى ويتقدس عن الأغراض والضرر ، والانتفاع ، وإن عادت إلى العبد : فإما أن تعود إليه فى الدنيا ، أو فى الأخرى.
لا جائز أن يقال بالأول ؛ لأنّ العبادة محض عناء ، وتعب ، وكلفة ، ونصب ، وقطع النفس عن الشّهوات ، وأنواع الملاذ ؛ ولا نفع فيها فى الدّنيا ولا فائدة.
وإن كان الثانى : فهو المطلوب.
وأيضا فإنّ الله ـ تعالى ـ قد خلق فى المكلّف شهوة المعاصى ، والقبائح.
__________________
(١) راجع ما سبق فى الجزء الأول ل ١٨٦ / أ.
(٢) لمزيد من البحث والدراسة بالإضافة إلى ما ورد هاهنا : ارجع إلى الإرشاد للجوينى ص ٣٣١ وما بعدها ، وشرح الأصول الخمسة للقاضى عبد الجبار ص ٦١١ وما بعدها. وشرح المواقف للجرجانى ـ الموقف الخامس ص ٣٢٤ ، والموقف السادس ص ١٩٩ وما بعدها وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ١٦٥ وما بعدها.
/ / أول ل ١٢٧ / ب.