وذلك بأن يقال : لو لم يكن العقاب دائما ؛ لم يخل : إمّا أن يعتبر فيه التقدير بالأوقات ، أو لا يعتبر.
فإن كان الأول : فهو محال ؛ لما تقدّم.
وإن كان الثانى : أمكن وصوله إلى المكلف دفعة واحدة كما فى أقرب زمان.
وعند ذلك : فلا يحسن أن يكون زاجرا عن الملاذ ، والمنافع المحرّمة ، المستمرة باستمرار الحياة ؛ لما فيه من التزام أضرار مستمرة ؛ خوفا من أضرار غير مستمرة ، وذلك مما يمنع من حسن التكليف بالمنع من المعاصى ؛ وهو محال.
والجواب عن الحجة الأولى : لا نسلم استحقاق الثّناء ، ولا الذّم دائما وإن سلمنا ذلك فما ذكروه تمثيل من غير دليل ؛ فلا يصح /.
وعن الحجج الخاصة :
أما الحجة الأولى : لا نسلمّ امتناع ثبوت الثّواب بالضّرر.
قولهم : إنّه يجوز التفضل بما لا يشوبه الضرر ، وذلك يمنع من حسن التّكليف ؛ فهو مبنى على التّحسين ، والتّقبيح ، ورعاية الحكمة فى أفعال الله ؛ وهو باطل كما سبق (١). ثم إن سلّم لهم هذا الأصل جدلا ؛ فما المانع على أصلهم أن يكون حسن التكليف بما فيه من تعظيم المثاب ، بكونه مكرما عالى الرتبة باستيفاء حقه ، بخلاف المتفضل عليه ؛ لكونه ممنونا عليه.
قولهم : إن الله ـ تعالى ـ قد رغّب المكلفين بتكليفهم المنافع المشوبة بالأضرار إلى آخره ، إنّما يلزم أن لو وقع التساوى فى / / أصل منفعة الثواب والمنافع المكلف بتركها ، وليس كذلك ؛ إذ جاز أن تكون منفعة الثّواب أكثر ، وبتقدير التساوى فى أصل المنفعة فإنّما يمتنع الترغيب أن لو وقع التساوى [فى ثبوت الضّرر ، وما المانع من أن يكون ثبوت الضّرر فيما كلف بتركه أكثر؟ وبتقدير التساوى] (٢).
__________________
(١) راجع ما سبق فى الجزء الأول ل ١٧٤ / ب وما بعدها.
/ / أول ل ١٢٦ / ب.
(٢) ساقط من (أ).