المغبرة المقترة ؛ بأنهم أرباب العذاب بالكفر ، وصاحب الكبيرة ليس كافرا ؛ لما تقدّم (١) ؛ ولما يأتى فيما بعد (٢).
وأيضا : قوله تعالى (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) (٣) فإنّه يعمّ كلّ ظالم ، سواء تاب ، أو لم يتب ؛ غير أنه قد خصّ بالكفار ؛ فوجب العمل به فيما سواهم.
والجواب : هو أن ما ذكروه إنما يصحّ الاستدلال به ، أن لو ثبت لهم العموم فى كل واحد من النصوص المذكورة ، وهو غير مسلم ، وبتقدير التسليم لذلك ؛ فيجب اعتقاد التّخصيص فى كل واحد منهما جمعا بينه ، وبين ما ذكرناه من الدليل.
كيف : وأن ما ذكروه من النّصوص معارضة بنصوص أخرى تدلّ على مناقضة ما ذكروه من جهة الكتاب ، والسنة.
أما من جهة الكتاب : فقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ* وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٤).
وقوله تعالى : ـ (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) (٥) وقوله تعالى : ـ (وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) (٦) وقوله تعالى : ـ (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) (٧) وقوله تعالى : ـ (فَأَمَّا مَنْ طَغى * وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا* فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) (٨) وقوله تعالى : ـ (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٩) وقوله تعالى : ـ (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) (١٠) وقوله تعالى : ـ (وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) (١١) وقوله تعالى : ـ (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) (١٢) وذلك يدل على وقوع عقابهم فى الجملة.
__________________
(١) انظر ما سبق ل ٢٢٦ / أمن هذا الفصل
(٢) انظر ما سيأتى فى القاعدة السابعة ل ٢٤٠ / ب وما بعدها.
(٣) سورة الرعد ١٣ / ٦.
(٤) سورة الأنفال ٨ / ١٥ ، ١٦.
(٥) سورة طه ٢٠ / ٧٤.
(٦) سورة طه ٢٠ / ١١١.
(٧) سورة الأنعام ٦ / ١٦٠.
(٨) سورة النازعات ٧٩ / ٣٧ ـ ٣٩.
(٩) سورة الزلزلة ٩٩ / ٨.
(١٠) سورة مريم ١٩ / ٨٦.
(١١) سورة مريم ١٩ / ٧٢.
(١٢) سورة فاطر ٣٥ / ٤٥.