الفصل الخامس
فى الاحباط ، والتكفير
وقد اختلف أهل الإسلام فى المؤمن إذا اجتمع له طاعات ، وزلات ، فالذى عليه إجماع أهل الحق من الأشاعرة ، وغيرهم : أنه لا يجب على الله تعالى ثوابه ، ولا عقابه ؛ بل إن أثاب فبفضله ، وإن عاقب فبعدله ، وله إثابة العاصى ، وعقاب المطيع على ما سلف (١).
وذهبت المرجئة ؛ إلى أن الإيمان محبط للزلات ، ولا عقاب على زلة مع الإيمان كما عرف من / مذهبهم ، فيما تقدم (٢).
وذهبت الخوارج ، وجماهير المعتزلة (٣) إلى أن من اقترف كبيرة واحدة ؛ فإنها تحبط ثواب جميع طاعاته ، وإن زادت الطاعات على زلته.
وذهب الجبائى ، وابنه فى الإحباط إلى رعاية الكثرة فى المحبط ، وزعما أن من زادت طاعاته على زلاته [أحبطت عقاب زلاته ، وكفرتها ، ومن زادت زلاته على طاعاته ، أحبطت ثواب طاعاته ، ثم اختلفا :
فقال الجبائى : من زادت طاعاته على زلاته ، أحبطت عقاب زلاته] (٤) من غير أن تنقص زلاته من ثواب طاعاته شيئا ، وتنزل منزلة من أتى بتلك الطاعات من غير زلة.
وقال أبو هاشم : لا بد وأن ينقص من ثوابه بمقدار ما حبط عنه من العقاب ، وأن تنزل رتبته فى الثواب عن ثواب من أتى بتلك الطاعات من غير زلة.
وكذلك ، اختلفا فى عكس ذلك عند ما إذا زادت زلاته على طاعاته (٥) من العقاب ، وأن تنزل رتبته فى الثواب عن ثواب من أتى بتلك الطاعات (٥).
واتفقا على امتناع وقوع المساواة بين الطاعات ، والزلات. لكن اختلفا.
__________________
(١) انظر ما سبق ل ٢٢٣ / ب وما بعدها. وقارن بما ورد فى شرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٢١٠ وما بعدها. وشرح المقاصد ٢ / ١٧٠.
(٢) راجع عنهم ما سبق ل ٢٢٦ / أ. ولمزيد من البحث والدراسة راجع : مقالات الإسلاميين للأشعرى ١ / ١٩٧ والفصل لابن حزم ٤ / ٣٧ ، ١٥٥ ، والإرشاد للجوينى ص ٣٢٤. وشرح المواقف ص ٢١٠.
(٣) لمزيد من البحث والدراسة انظر من كتب المعتزلة التى فصلت القول فى الإحباط والتكفير شرح الأصول الخمسة ص ٦٢٤ وما بعدها. ومن كتب الأشاعرة التى ناقشت المعتزلة والخوارج ـ انظر كتاب الإرشاد للجوينى ص ٣٨٥ وما بعدها وشرح المواقف ص ٢١٠ وما بعدها ، وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ١٦٦ وما بعدها.
(٤) ساقط من (أ).
(٥) من أول (من العقاب إلى قوله : تلك الطاعات) ساقط من ب.