وعن الحادية عشرة : من ثلاثة أوجه :
الأول : ما المانع أن يكون نصب الدليل العقلى على القضية الشرعية غير مقدور ، وما لا يكون من قبيل المقدورات ؛ فلا يكون معجوزا عنه ؛ لاستحالته.
الثانى : وإن كان مقدورا ؛ ولكن لا نسلم وجوبه ؛ لأنّا بيّنا أنه لا يجب على الله ـ تعالى ـ شيء (١).
الثالث : وإن أمكن أن يقال بالوجوب ؛ لكن فيما علم الله المصلحة فيه ، وما المانع أن يكون الله ـ تعالى ـ قد علم أن مصلحة / / العبيد فى تعريفهم القضايا الشرعية بالسمع ، وأنه لو عرفهم إياها بالأدلة العقلية لفسدوا.
وعن الثانية عشرة :
أن ما ذكروه مبنى على التناسخ ؛ وسيأتى إبطاله (٢) ، وبتقدير تسليم التناسخ جدلا ؛ فالعقل غير كاف فى معرفة الأحوال التى هى مناط السّعادة ، والشّقاوة فى الحال ، والمآل ؛ إذ الأفعال مما لا تقبح ولا تحسن لذواتها كما أسلفناه حتى يستقلّ العقل بإدراك الصالح والفاسد منها ؛ بل لعل العقل قد يقبح ما المصلحة فيه ، ويحسن ما المفسدة فيه ؛ فلا بد من معرف / ومرشد يستأثر بمعرفة ما لا يستقل العقل بادراكه ، وليس ذلك إلا الله ـ تعالى ـ ومن اصطفاه الله بالتعريف والوحى.
كيف وأن العبد إذا انتهى إلى العالم العلوى أو السفلى جزاء على فعله ، مما يفعله فى حال خسّته ، أو فى حال رفعته مما يوجب اقتضاء زيادة فى حالة يبقى لا مقابل له ؛ لانتهائه فى درجة الثواب إلى ما لا درجة بعدها ، وكذلك فى حالة خسّته وذلك مما يفضى بهم إلى تعطيل [طاعة] (٣) من هو فى الدرجة العلى عن الثواب ومعصية من هو فى الدرجة السفلى عن العقاب ؛ وذلك مما يقبح على موجب أصولهم.
وعن الثالثة عشرة :
القائلة أنه لا طريق إلى معرفة صدقه ، ليس كذلك ؛ بل كما كان قادرا على تعريف
__________________
(١) انظر ما مر فى الجزء الأول ل ١٨٦ / ب وما بعدها ص ١٥١ وما بعدها من الجزء الثانى.
/ / أول ل ٧٧ / أ.
(٢) انظر ما سيأتى ل ١٩٨ / أو ما بعدها.
(٣) ساقط من أ.