الخلائق بسر ربوبيته ، وتصديقهم بوجوده وإلهيته قادر على أن يعرفهم صدق من اصطفاه لرسالته واجتباه لحمل أمانته ، إما بأن يخلق لهم بذلك العلم الضرورى أو بالإخبار عن كونه رسولا كما قال ـ تعالى ـ فى حق آدم للملائكة (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (١) ويكون علمهم بكونه خبر الله كعلم الرسول به كما تقدم تعريفه فى أول الجواب ، ولا يلزم من تصور الخطاب من المرسل الاستغناء عن الرسول ؛ إذ هو حجر وتحكم على الحاكم فى مملكته ، ولعل ذلك لا لحكمة ؛ إذ هى غير واجبة المراعاة فى أفعال الله كما عرف. أو أنه لحكمة قد استأثر الرب ـ تعالى ـ بعلمها وحده ، وقد يمكن التعريف بصدقه باظهار المعجزات على يده بحيث تذعن العقول السليمة بتصديقه ، وقبول قوله.
قولهم : خرق العوائد ممتنع ليس كذلك ، وأن خلق السموات والأرض وما بينهما من الحيوانات وأنواع النباتات أعجب من كل خارق يدّعى ، ومع ذلك فالرب ـ تعالى ـ كان قادرا عليه ، ومخترعا له ؛ فلأن يكون قادرا على ما دونه أولى وإلا كان عاجزا عنه ؛ وهو محال مع قدرته على ما هو أغرب منه. كيف وأن انفطار السماوات ، وانتثار الكواكب (٢) [وغير ذلك من أعظم الخوارق للعادة ، وكل ذلك جائز ؛ لأن وجود السماوات والكواكب] (٢) من الجائزات وكل ما كان جائز الوجود ؛ فهو جائز العدم ؛ وما كان جائزا لا يكون ممتنعا.
وأيضا : فإنا سنبين وقوع ذلك فى الأصل الرابع (٣).
وعن الرابعة عشرة :
القائلة بأن الصادر عنه من فعله : أنا قد بينا فى خلق الأعمال أنه لا موجد ولا مؤثر إلا الله ـ (٤) تعالى ـ.
وبه اندفاع الخامسة عشرة أيضا.
__________________
(١) سورة البقرة ٢ / ٣٠.
(٢) ساقط من (أ)
(٣) انظر ما سيأتى ل ١٨٦ / أو ما بعدها ص وما بعدها من الجزء الرابع الأصل الرابع : فى إثبات رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم.
(٤) انظر ما مر فى الجزء الأول ل ٢١١ / ب وما بعدها ص ٢٢٩ وما بعدها من الجزء الثانى ـ الأصل الثانى : فى أنه لا خالق إلا الله ـ تعالى ـ ولا مؤثر فى حدوث الحوادث سواه.