أهل الاسلام على كونه رسولا غير العيسويّة (١) من اليهود ؛ فإنّهم اعترفوا برسالته ؛ لكن إلى العرب خاصّة لا إلى الأمم كافّة.
والّذي يدل على كونه رسولا من عند الله ـ تعالى ـ أن نقول : إنّ محمّدا كان موجودا ، وأنّه ادّعى الرّسالة عن الله ـ عزوجل ـ ، وأنه ظهرت المعجزات على يده ، وأنّه تحدّى بها ، ولم يوجد لها معارض فكان رسولا.
وفى تحقيق هذا الدّليل يفتقر إلى تقرير دعاوى أربعة :
الدّعوى الأول : أنّه كان موجودا مدّعيا للرّسالة.
والثانية : أنّه ظهرت المعجزات على يده.
والثالثة : أنّه تحدّى بها.
والرابعة : أنه لم يوجد لها معارض
أما الدّعوى الأولى :
فهى معلومة بالضّرورة المستفادة من التّواتر المفيد للقطع ، كيف وأن ذلك ممّا لم يصر أحد إلى انكاره ، ومناكرته. ومن أنكر ذلك ؛ فقد تاهت وسقطت مكالمته.
وأما الدّعوى الثّانية :
فبيانها بإثبات بعض ما ظهر على يده من المعجزات والآيات القطعيّات ، لتعذّر استقصاء كلّ ما ظهر على يده ؛ إذ هو خارج عن العدّ ، والحصر ، فمن جملتها القرآن المجيد الّذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (٢)
__________________
(١) العيسوية : هم أصحاب أبى عيسى الأصبهانى رجل من اليهود كان بأصبهان. خالفوا سائر اليهود وقالوا بنبوة عيسى عليهالسلام ، وبرسالة محمد صلىاللهعليهوسلم للعرب خاصة ويقولون : إن محمدا صلىاللهعليهوسلم نبى أرسله الله ـ تعالى بشرائع القرآن إلى بنى إسماعيل عليهالسلام ، وإلى سائر العرب خاصة كما كان (أيوب) نبيا فى (بنى عيص). وكما كان (بلعام) نبيا فى (بنى موآب) باقرار من جميع فرق اليهود.
[الفصل فى الملل والأهواء والنحل لابن حزم ١ / ١٧٩ ، والملل والنحل للشهرستانى ١ / ٢١٥ وما بعدها].
(٢) سورة فصلت ٤١ / ٤٢.