ومن ذلك ما اشتهر من كلام الذراع المسموم وغيره (١).
وأمّا كلام الحيوانات العجماوات :
فمن ذلك ما روى عن أبى سعيد (٢) الخدرى أنّه قال : كان يرعى راع غنما له بالحرّة ؛ فوثب ذئب إلى شاة ؛ فانتهزها ، واختطفها ؛ فحال الراعى بين الذئب والشّاة ، واسترجعها ؛ فأقعى الذئب على ذنبه ، وقال للراعى أما تتقى الله تحول بينى ، وبين رزق ساقه الله إلى ، فقال الراعى العجب من ذئب مقعىّ يكلمنى كلام الإنس ، فقال له الذئب ألا أحدّثك بأعجب من ذلك : هذا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم يحدّث النّاس بانباء ما قد سبق ، فاخذ الرّاعى الشّاة ، وأتى بها إلى المدينة ، وأتى إلى النبي ـ
__________________
(١) أخرجه أبو داود فى سننه (كتاب الديات ـ باب فيمن سقى رجلا سما ، أو أطعمه فمات أيقاد منه ٦ / ٣٠٧ ح ٤٣٤٢. والأحاديث الأخرى (٤٣٤٣ ، ٤٣٤٤ ، ٤٣٤٥) عن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه ـ «أن امرأة يهودية أتت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بشاة مسمومة ، فأكل منها. فجئ بها إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ؛ فسألها عن ذلك؟ فقالت : أردت لأقتلك. فقال : ما كان الله ليسلطك على ذلك ، أو قال : عليّ. قال :
فقالوا : ألا تقتلها؟ قال : لا ، فما زلت أعرفها فى لهوات رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم». وأخرجه البخارى ومسلم أيضا (اللهوات : جمع لهاة ، وهى اللحمات التى فى أقصى الحلق. ويجمع أيضا على لهيات ، ولهى : بضم اللام).
وعن ابن شهاب (ح ٤٣٤٤) قال : كان جابر بن عبد الله ـ رضى الله عنهما ـ يحدث «أن يهودية من أهل خيبر سمّت شاة مصلية : ثم أهدتها لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأخذ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الذراع ، فأكل منها ، وأكل رهط من أصحابه معه ثم قال لهم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : ارفعوا أيديكم. وأرسل رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى اليهودية ، فدعاها ، فقال لها : أسممت هذه الشاة؟ قالت اليهودية : من أخبرك؟ قال : أخبرتنى هذه فى يدى ـ للذراع ـ قالت : نعم. قال : فما أردت إلى ذلك؟. قالت : قلت : إن كان نبيا ؛ فلن تضره. وإن لم يكن نبيا ؛ استرحنا منه ؛ فعفا عنها رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولم يعاقبها.
وتوفى بعض أصحابه الذين أكلوا من الشاة ، واحتجم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على كاهله من أجل الّذي أكل من الشاة ، حجمه أبو هند بالقرن والشفرة». وهذا الحديث منقطع ؛ لأن الزهرى لم يسمع من جابر بن عبد الله.
ولمزيد من البحث والدراسة انظر ما جاء فى كتاب : (دلائل النبوة) للبيهقى ٤ / ٢٥٦ ـ ٢٦٤ باب ما جاء فى الشاة التى سمّت للنبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بخيبر وما ظهر فى ذلك من عصمة الله جل ثناؤه رسوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن ضرر ما أكل منه حتى بلغ فيه أمره ، وإخبار ذراعها إياه بذلك حتى أمسك عن البقية.
(٢) أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه : سعد بن مالك بن سنان الخدرى الأنصارى الخزرجى ، أبو سعيد : صحابى جليل ولد فى السنة العاشرة قبل الهجرة. كان من ملازمى النبي صلىاللهعليهوسلم وروى عنه ١١٧٠ حديثا. غزا اثنتى عشرة غزوة توفى بالمدينة سنة ٧٤ ه.
(صفة الصفوة لابن الجوزى ١ / ٢٧٢ وتهذيب ٣ / ٤٧٩ والأعلام للزركلى ٣ / ٨٧).