بالوحى وذلك أيضا ممكن بطريقة أن القوّتين وهما الخيالية (١) ، والحس المشترك (٢) قد تنفعل كل واحدة منهما عن الأخرى ولهذا فإنه قد ينطبع فى الخيالية ما كان قد انطبع فى الحسّ المشترك متأديا إليها من الحواس الظاهرة من الصور المحسوسة.
وعلى هذا : فغير بعيد أن يحصل فى الخيال صور ، وأصوات لا وجود لها فى الحسّ الظاهر ، ويتأتى ذلك الانطباع إلى الحس المشترك وبواسطته إلى الحواس الظاهرة كما كان بالعلتين ؛ فإن القوى الحاسة كالمرايا المتقابلة فى انطباع ما فى بعضها فى بعض.
وعند ذلك : فقد يسمع من الأصوات ويرى من الصّور حسب ما وقع فى الخيال وإن كان لا يراه ، ولا يسمعه أحد من الحاضرين.
قالوا : وقد يحصل أيضا نوع من هذا لبعض من قلّت شواغله البدنية وإن كان مستيقظا لأمر غلب على مزاجه كبعض المجانين والمتكهنين ، والمرضى ، غير أن هذه حالة نقص. والأولى حالة كمال.
قالوا : ولا شك أن المادة القابلة لهذا الشخص ممكن أن تقبل مثله فى كل وقت.
وقال آخرون : ـ
النّبيّ من يعلم كونه نبيّا ، والنّبوّة علمه بنبوّته (٣).
وقال آخرون : ـ /
النّبيّ هو العالم بربه ، والنّبوّة علمه بربه (٤).
وقال آخرون : ـ
النّبوّة سفارة العبد بين الله ـ تعالى ـ وبين الخلق (٥).
__________________
(١) قال عنها الآمدي فى المبين فى شرح معانى ألفاظ الحكماء والمتكلمين ص ١٠٥ : «وأما المتخيلة وتسمى ـ إذا نسبت إلى الإنسان ـ مفكرة : فعبارة عن قوة مرتبة فى مقدم التجويف الثانى من الدماغ ، من شأنها الحكم على ما فى الخيال بالافتراق والاتفاق والتركيب والتحليل»
(٢) قال عنه الآمدي فى المبين ص ١٠٥ «وأما الحس المشترك ، ويسمى فنطاسيا : فعبارة عن قوة مرتبة فى مقدم التجويف الأول من الدماغ ، من شأنها إدراك ما يتأدى إليها من الصور المنطبعة فى الحواس الظاهرة»
(٣) وقد ردّ الآمدي على هذا المذهب فى ل ١٢٩ / ب. وحكم عليه بأنه فى غاية الخبط والتخليط.
(٤) وقد ردّ الآمدي على هذا المذهب الثالث فى ل ١٢٩ / ب. وحكم عليه بالفساد.
(٥) وقد رد الآمدي على المذهب الرابع : وأما المذهب الرابع ففاسد أيضا ... الخ. ثم ذكر الحق فى ذلك فقال : [والحق : ما ذهب إليه أهل الحق من الأشاعرة وغيرهم ... الخ] (ل ١٢٩ / ب ، ل ١٣٠ / أ).