الطعم ، وهذا اختيار ابن جرير. وقال عكرمة (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) قال : يشبه ثمر الدنيا غير أن ثمر الجنة أطيب. وقال سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس : لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء ، وفي رواية : ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء ، ورواه ابن جرير من رواية الثوري وابن أبي حاتم من حديث أبي معاوية كلاهما عن الأعمش به. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله تعالى : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) قال : يعرفون أسماءه كما كانوا في الدنيا التفاح بالتفاح والرمان بالرمان ، قالوا في الجنة : هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا وأتوا به متشابها يعرفونه وليس هو مثله في الطعم (١).
وقوله تعالى : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس : مطهرة من القذر والأذى ، وقال مجاهد : من الحيض والغائط والبول والنخام والبزاق والمني والولد ، وقال قتادة : مطهرة من الأذى والمأثم ، وفي رواية عنه لا حيض ولا كلف. وروي عن عطاء والحسن والضحاك وأبي صالح وعطية والسدي نحو ذلك. وقال ابن جرير (٢) : حدثني يونس بن عبد الأعلى. أنبأنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، قال : المطهرة التي لا تحيض ، قال : وكذلك خلقت حواء عليهاالسلام ، فلما عصت قال الله تعالى : إني خلقتك مطهرة وسأدميك كما أدميت هذه الشجرة ـ وهذا غريب. وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه : حدثنا إبراهيم بن محمد حدثني جعفر بن محمد بن حرب وأحمد بن محمد الجوري قالا : حدثنا محمد بن عبيد الكندي ، حدثنا عبد الرزاق بن عمر البزيعي ، حدثنا عبد الله بن المبارك عن شعبة عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله تعالى : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) قال من الحيض والغائط والنخاعة (٣) والبزاق. هذا حديث غريب ـ وقد رواه الحاكم في مستدركه عن محمد بن يعقوب عن الحسن بن علي بن عفان عن محمد بن عبيد به ، وقال : صحيح على شرط الشيخين. وهذا الذي ادعاه فيه نظر ، فإن عبد الرزاق بن عمر البزيعي هذا قال فيه أبو حاتم بن حبان البستي : لا يجوز الاحتجاج به (قلت) والأظهر أن هذا من كلام قتادة كما تقدم ، والله أعلم.
وقوله تعالى : (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) هذا هو تمام السعادة فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين من الموت والانقطاع فلا آخر له ولا انقضاء بل في نعيم سرمدي أبدي على الدوام ، والله المسؤول أن يحشرنا في زمرتهم ، إنه جواد كريم بر رحيم.
(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ
__________________
(١) الطبري ١ / ٢١٠ ؛ والدر المنثور ١ / ٨٢ ـ ٨٣.
(٢) تفسير الطبري ١ / ٢١٢.
(٣) في الدر المنثور : «والنخامة».