مَنْسَكاً) (١) والخامس إلى الهاء من قوله في الأحزاب : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ) [الأحزاب : ٣٦] والسادس إلى الواو من قوله تعالى في الفتح : (الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ) [الفتح : ٦] والسابع إلى آخر القرآن. قال سلام أبو محمد : علمنا ذلك في أربعة أشهر ، قالوا وكان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربع القرآن ، فالأول إلى آخر الأنعام والثاني إلى (وَلْيَتَلَطَّفْ) من سورة الكهف ، والثالث إلى آخر الزمر ، والرابع إلى آخر القرآن وقد حكى الشيخ أبو عمرو الداني في كتابه (البيان) خلافا في هذا كله فالله أعلم.
وأما (التحزيب والتجزئة) فقد اشتهرت الأجزاء من ثلاثين كما في الربعات بالمدارس وغيرها وقد ذكرنا فيما تقدم الحديث الوارد في تحزيب الصحابة للقرآن والحديث في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود وابن ماجة وغيرهم عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حياته كيف تحزبون القرآن؟ قالوا ثلث وخمس وسبع وتسع وأحد عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل حتى تختم.
[فصل] واختلف في معنى السورة مما هي مشتقة فقيل من الإبانة والارتفاع قال النابغة : [الطويل]
ألم تر أن الله أعطاك سورة |
|
ترى كل ملك دونها يتذبذب (٢) |
فكأن القارئ ينتقل بها من منزلة إلى منزلة. وقيل لشرفها وارتفاعها كسور البلدان ، وقيل : سميت سورة لكونها قطعة من القرآن وجزءا منه مأخوذ من أسآر الإناء وهو البقية. وعلى هذا فيكون أصلها مهموزا. وإنما خففت الهمزة فأبدلت الهمزة واوا لانضمام ما قبلها ، وقيل لتمامها وكمالها لأن العرب يسمون الناقة التامة سورة (قلت) ويحتمل أن يكون من الجمع والإحاطة لآياتها كما يسمى سور البلد لإحاطته بمنازله ودوره. وجمع السورة سور بفتح الواو ، وقد يجمع على سورات وسورات ، وأما الآية فمن العلامة على انقطاع الكلام الذي قبلها عن الذي بعدها وانفصالها أي هي بائنة عن أختها ومنفردة قال الله تعالى : (إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ) [البقرة : ٢٤٨] وقال النابغة : [الطويل]
توهمت آيات لها فعرفتها |
|
لستة أعوام وذا العام سابع (٣) |
وقيل لأنها جماعة حروف من القرآن وطائفة منه كما يقال : خرج القوم بآياتهم أي بجماعاتهم. قال الشاعر : [الطويل]
__________________
(١) اللفظ «جعلنا منسكا» ورد مرتين في سورة الحج ، في الآية ٣٤ والآية ٦٧.
(٢) البيت للنابغة في ديوانه ص ٧٣ ؛ ولسان العرب (سور) ؛ وتهذيب اللغة ١٣ / ٤٩ ؛ وجمهرة اللغة ص ١٧٤ ، وديوان المعاني ١ / ١٥ ؛ وتاج العروس (سور)
(٣) البيت للنابغة في ديوانه ص ٣١ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ٤٥٣ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٤٧ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ١١٣ ؛ والكتاب ٢ / ٨٦ ؛ ولسان العرب (عشر) ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٤٠٦.