إن منهم من هو هكذا ، ومنهم من هو هكذا ، والله أعلم.
وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن أيوب حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي الثلج حدثنا علي بن حفص حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن حاطب عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله ، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة القلب ، وإن أبعد الناس من الله : القلب القاسي» رواه الترمذي في كتاب الزهد من جامعه عن محمد بن عبد الله بن أبي الثلج صاحب الإمام أحمد به ، ومن وجه آخر عن إبراهيم بن عبد الله بن الحارث بن حاطب به ، وقال : غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم ، وروى البزار عن أنس مرفوعا «أربع من الشقاء : جمود العين ، وقساوة القلب ، وطول الأمل ، والحرص على الدنيا».
(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٧٦) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) (٧٧)
يقول تعالى : (أَفَتَطْمَعُونَ) أيها المؤمنون (أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) أي ينقاد لكم بالطاعة هؤلاء الفرقة الضالة من اليهود الذين شاهد آباؤهم من الآيات البينات ما شاهدوه ، ثم قست قلوبهم من بعد ذلك : (وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ) أي يتأولونه على غير تأويله (مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ) أي فهموه على الجلية ومع هذا يخالفونه على بصيرة (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أنهم مخطئون فيما ذهبوا إليه من تحريفه وتأويله ، وهذا المقام شبيه بقوله تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) [النساء : ٤٦] قال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه قال : ثم قال الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم ولمن معه من المؤمنين يؤيسهم منهم (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ) وليس قوله : يسمعون كلام الله : يسمعون التوراة كلهم قد سمعها ، ولكن هم الذين سألوا موسى رؤية ربهم فأخذتهم الصاعقة فيها. وقال محمد بن إسحاق ، فيما حدثني بعض أهل العلم : أنهم قالوا لموسى : يا موسى ، قد حيل بيننا وبين رؤية ربنا تعالى فأسمعنا كلامه حين يكلمك ، فطلب ذلك موسى إلى ربه تعالى ، فقال : نعم ، مرهم فليتطهروا وليطهروا ثيابهم ويصوموا ، ففعلوا ثم خرج بهم حتى أتوا الطور ، فلما غشيهم الغمام ، أمرهم موسى أن يسجدوا ، فوقعوا سجودا ، وكلمه ربه ، فسمعوا كلامه يأمرهم وينهاهم حتى عقلوا منه ما سمعوا ، ثم انصرف بهم إلى بني إسرائيل ، فلما جاءهم ، حرف فريق منهم ما أمرهم به ، وقالوا : حين قال موسى لبني إسرائيل : إن الله قد أمركم بكذا وكذا ، قال ذلك الفريق الذين