رواه عن محمد ، عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس بنحوه. وقال العوفي عن ابن عباس (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) اليهود قالوا : لن تمسنا النار إلا أربعين ليلة ، زاد غيره وهي مدة عبادتهم العجل ، وحكاه القرطبي (١) عن ابن عباس وقتادة ، وقال الضحاك وعن ابن عباس : زعمت اليهود أنهم وجدوا في التوراة مكتوبا أن ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين سنة إلى أن ينتهوا إلى شجرة الزقوم التي هي نابتة في أصل الجحيم ، وقال أعداء الله إنما نعذب حتى ننتهي إلى شجرة الزقوم فتذهب جهنم وتهلك فذلك قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً).
وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) يعني الأيام التي عبدنا فيها العجل. وقال عكرمة : خاصمت اليهود رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا لن ندخل النار إلا أربعين ليلة ، وسيخلفنا فيها قوم آخرون ، يعنون محمدا صلىاللهعليهوسلم وأصحابه رضي الله عنهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيده على رؤوسهم «بل أنتم خالدون مخلدون لا يخلفكم فيها أحد» فأنزل الله عزوجل (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) الآية. وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه رحمهالله : حدثنا عبد الرحمن بن جعفر ، حدثنا محمد بن محمد بن صخر ، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، حدثنا ليث بن سعد ، حدثني سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة ، قال : لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، شاة فيها سم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «اجمعوا لي من كان من اليهود هاهنا» فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم «من أبوكم»؟ قالوا فلان ، قال «كذبتم بل أبوكم فلان» فقالوا : صدقت وبررت ، ثم قال لهم «هل أنتم صادقيّ عن شيء إن سألتكم عنه»؟ قالوا نعم يا أبا القاسم ، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا ، فقال لهم رسول اللهصلىاللهعليهوسلم «من أهل النار»؟ فقالوا : نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم «اخسئوا والله لا نخلفكم فيها أبدا» ثم قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم «هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟» قالوا : نعم يا أبا القاسم ، قال : «هل جعلتم في هذه الشاة سما؟» فقالوا : نعم ، قال «فما حملكم على ذلك؟» فقالوا : أردنا إن كنت كاذبا أن نستريح منك ، وإن كنت نبيا لم يضر ، ورواه الإمام أحمد والبخاري والنسائي من حديث الليث بن سعد بنحوه (٢).
(بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ(٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٨٢)
يقول تعالى : ليس الأمر كما تمنيتم ولا كما تشتهون ، بل الأمر أنه من عمل سيئة وأحاطت به
__________________
(١) تفسير القرطبي ٢ / ١٠.
(٢) رواه البخاري (هبة باب ٢٨ ؛ وجزية باب ٧ ؛ وطب باب ٥٥) والدارمي (مقدمة باب ١١). وأحمد في المسند (ج ٢ ص ٤٥١)