الملائكة ، فقرأ هذه الآية : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ) «وأما أول أشراط الساعة ، فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب. وأما أول طعام يأكله أهل الجنة ، فزيادة كبد الحوت ، وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة ، نزع الولد ، وإذا سبق ماء المرأة نزعت» قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. يا رسول الله ، إن اليهود قوم بهت (١) ، وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم يبهتوني ، فجاءت اليهود ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟» قالوا : خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا ، قال : «أرأيتم إن أسلم» قالوا : أعاذه الله من ذلك ، فخرج عبد الله فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله. قالوا : هو شرنا وابن شرنا وانتقضوه ، فقال : هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله ـ انفرد به البخاري من هذا الوجه. وقد أخرجه من وجه آخر عن أنس بنحوه ، وفي صحيح مسلم عن ثوبان مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قريب من هذا السياق كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.
وحكاية البخاري كما تقدم عن عكرمة هو المشهور أن إيل هو الله ، وقد رواه سفيان الثوري عن خصيف ، عن عكرمة ، ورواه عبد بن حميد عن إبراهيم بن الحكم ، عن أبيه ، عن عكرمة ، ورواه ابن جرير عن الحسين بن يزيد الطحان عن إسحاق بن منصور عن قيس بن عاصم عن عكرمة أنه قال : إن جبريل اسمه عبد الله ، وميكائيل اسمه عبد الله ، إيل : الله ، ورواه يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس مثله سواء ، وكذا قال غير واحد من السلف كما سيأتي قريبا ، ومن الناس من يقول : إيل عبارة عن عبد ، والكلمة الأخرى هي اسم الله ، لأن كلمة إيل لا تتغير في الجميع فوزانه عبد الله عبد الرحمن عبد الملك عبد القدوس عبد السلام عبد الكافي عبد الجليل ، فعبد موجودة في هذا كله ، واختلفت الأسماء المضاف إليها ، وكذلك جبرائيل وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل ونحو ذلك ، وفي كلام غير العرب يقدمون المضاف إليه على المضاف ، والله أعلم.
ثم قال ابن جرير (٢) ، وقال آخرون : بل كان سبب قيلهم ذلك من أجل مناظرة جرت بينهم وبين عمر بن الخطاب في أمر النبي صلىاللهعليهوسلم.
(ذكر من قال ذلك) حدثني محمد بن المثنى ، حدثني ربعي بن علية ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، قال : نزل عمر الروحاء ، فرأى رجالا يبتدرون أحجارا يصلون إليها ، فقال : ما بال هؤلاء؟ قالوا يزعمون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلّى هاهنا ، قال : فكره ذلك ، وقال إنما رسول الله صلىاللهعليهوسلم أدركته الصلاة بواد فصلّى ، ثم ارتحل فتركه ، ثم أنشأ يحدثهم ، فقال : كنت أشهد اليهود يوم مدارسهم فأعجب من التوراة كيف تصدق القرآن ومن القرآن كيف يصدق التوراة ، فبينما أنا عندهم ذات يوم قالوا : يا ابن الخطاب ما من أصحابك أحد أحب إلينا منك قلت ولم ذلك؟
__________________
(١) أي موصوفون بالبهتان ، وهو الكذب.
(٢) تفسير الطبري ١ / ٤٧٨.