أنكروا ذلك أشد الإنكار ، ومنهم من يطلق على فعله الكفر وهو مذهب جمهور العلماء ، وقد حكي في هذا شيء عن بعض فقهاء المدينة حتى حكوه عن الإمام مالك ، وفي صحته نظر.
قال الطحاوي : روى أصبغ بن الفرج عن عبد الرحمن بن القاسم ، قال : ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك أنه حلال ، يعني وطء المرأة في دبرها ، ثم قرأ (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) ثم قال : فأي شيء أبين من هذا؟ هذه حكاية الطحاوي.
وقد روى الحاكم والدارقطني والخطيب البغدادي عن الإمام مالك من طرق ما يقتضي إباحة ذلك ، ولكن في الأسانيد ضعف شديد ، وقد استقصاها شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي في جزء جمعه في ذلك ، والله أعلم.
وقال الطحاوي : حكى لنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنه سمع الشافعي يقول : ما صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم في تحليله ولا تحريمه شيء والقياس أنه حلال وقد روى ذلك أبو بكر الخطيب عن أبي سعيد الصيرفي عن أبي العباس الأصم سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم سمعت الشافعي يقول ، فذكره ، قال أبو نصر الصباغ : كان الربيع يحلف بالله لا إله إلا هو ، لقد كذب ـ يعني ابن عبد الحكم ـ على الشافعي في ذلك ، لأن الشافعي نص على تحريمه في ستة كتب من كتبه ، والله أعلم.
وقوله (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) أي من فعل الطاعات مع امتثال ما أنهاكم عنه من ترك المحرمات ، ولهذا قال (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) أي فيحاسبكم على أعمالكم جميعها (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) أي المطيعين الله فيما أمرهم ، التاركين ما عنه زجرهم. وقال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثني محمد بن عبد الله بن واقد ، عن عطاء ، قال : أراه عن ابن عباس (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) قال : تقول باسم الله التسمية عند الجماع ، وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله ، قال : باسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك ، لن يضره الشيطان أبدا».
(وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(٢٢٤) لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (٢٢٥)
يقول تعالى : لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها ، كقوله تعالى : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) [النور : ٢٢] فالاستمرار على اليمين آثم لصاحبها من الخروج منها بالتكفير ، كما قال