الرب عزوجل ، ولا في قطيعة الرحم ، ولا فيما لا تملك».
وقوله (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد : هو أن يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب ، قال مجاهد وغيره ، وهي كقوله تعالى : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) [المائدة : ٨٩]. (وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) أي غفور لعباده حليم عليهم.
(لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢٢٧)
الإيلاء الحلف ، فإذا حلف الرجل أن لا يجامع زوجته مدة ، فلا يخلو إما أن يكون أقل من أربعة أشهر أو أكثر منها ، فإن كانت أقل ، فله أن ينتظر انقضاء المدة ثم يجامع امرأته ، وعليها أن تصبر وليس لها مطالبته بالفيئة في هذه المدة ، وهذا كما ثبت في الصحيحين عن عائشة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، آلى من نسائه شهرا فنزل لتسع وعشرين ، وقال «الشهر تسع وعشرون» ولهما عن عمر بن الخطاب نحوه ، فأما إن زادت المدة على أربعة أشهر فللزوجة مطالبة الزوج عند انقضاء أربعة أشهر ، إما أن يفيء أي يجامع ، وإما أن يطلق فيجبره الحاكم على هذا ، وهذا لئلا يضر بها ، ولهذا قال تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) أي يحلفون على ترك الجماع عن نسائهم ، فيه دلالة على أن الإيلاء يختص بالزوجات دون الإماء كما هو مذهب الجمهور (تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) أي ينتظر الزوج أربعة أشهر من حين الحلف ، ثم يوقف ويطالب بالفيئة أو الطلاق ، ولهذا قال (فَإِنْ فاؤُ) أي رجعوا إلى ما كانوا عليه وهو كناية عن الجماع ، قاله ابن عباس ومسروق والشعبي وسعيد بن جبير وغير واحد ومنهم ابن جرير رحمهالله (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لما سلف من التقصير في حقهن بسبب اليمين.
قوله (فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فيه دلالة لأحد قولي العلماء ، وهو القديم عن الشافعي أن المولى إذا فاء بعد الأربعة الأشهر أنه لا كفارة عليه ، ويعتضد بما تقدم في الحديث عند الآية التي قبلها عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ، فتركها كفارتها» كما رواه أحمد وأبو داود والترمذي ، والذي عليه الجمهور وهو الجديد من مذهب الشافعي أن عليه التكفير لعموم وجوب التكفير على كل حالف ، كما تقدم أيضا في الأحاديث الصحاح ، والله أعلم.
وقوله (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ) فيه دلالة على أن الطلاق لا يقع بمجرد مضي الأربعة أشهر ، كقول الجمهور من المتأخرين ، وذهب آخرون إلى أنه يقع بمضي أربعة أشهر تطليقة ، وهو مروي بأسانيد صحيحة عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت ، وبه يقول ابن سيرين ومسروق والقاسم وسالم والحسن وأبو سلمة وقتادة وشريح القاضي وقبيصة بن