ما يريدون.
وقوله (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ) قال ابن جرير (١) : أخبرنا ابن مثنى ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا حماد عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في هذه الآية (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ) قال : عصاه ، ورضاض الألواح ، وكذا قال قتادة والسدي والربيع بن أنس وعكرمة ، وزاد : والتوراة. قال أبو صالح (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى) يعني عصا موسى ، وعصا هارون ، ولوحين من التوراة ، والمن. وقال عطية بن سعد : عصا موسى ، وعصا هارون ، وثياب موسى ، وثياب هارون ، ورضاض الألواح. وقال عبد الرزاق : سألت الثوري عن قوله (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ) ، فقال : منهم من يقول : قفيز من منّ ، ورضاض الألواح ، ومنهم من يقول : العصا والنعلان.
وقوله (تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) قال ابن جريج : قال ابن عباس : جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض حتى وضعته بين يدي طالوت والناس ينظرون ، قال السدي : أصبح التابوت في دار طالوت ، فآمنوا بنبوة شمعون ، وأطاعوا طالوت. وقال عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن بعض أشياخه ، جاءت به الملائكة تسوقه على عجلة على بقرة ، وقيل : على بقرتين. وذكر غيره : أن التابوت كان بأريحاء ، وكان المشركون لما أخذوه وضعوه في بيت آلهتهم تحت صنمهم الكبير فأصبح التابوت على رأس الصنم فأنزلوه فوضعوه تحته ، فأصبح كذلك ، فسمروه تحته ، فأصبح الصنم مكسور القوائم ، ملقى بعيدا ، فعلموا أن هذا أمر من الله لا قبل لهم به ، فأخرجوا التابوت من بلدهم ، فوضعوه في بعض القرى ، فأصاب أهلها داء في رقابهم ، فأمرتهم جارية من سبي بني إسرائيل أن يردوه إلى بني إسرائيل حتى يخلصوا من هذا الداء ، فحملوه على بقرتين فسارتا به ، لا يقربه أحد إلا مات ، حتى اقتربتا من بلد بني إسرائيل ، فكسرتا النيرين ورجعتا ، وجاء بنو إسرائيل فأخذوه ، فقيل : إنه تسلمه داود عليهالسلام ، وإنه لما قام إليهما خجل من فرحه بذلك ، وقيل : شابان منهم ، فالله أعلم وقيل : كان التابوت بقرية من قرى فلسطين يقال لها أزدرد.
وقوله (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ) أي على صدقي فيما جئتكم به من النبوة ، وفيما أمرتكم به من طاعة طالوت (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي بالله واليوم الآخر.
(فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (٢٤٩)
__________________
(١) تفسير الطبري ٢ / ٦٢٧.