أي مما يشاء الله من العلم الذي اختص به صلىاللهعليهوسلم ثم قال تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) أي لولا الله يدفع عن قوم بآخرين كما دفع عن بني إسرائيل بمقاتلة طالوت وشجاعة داود لهلكوا كما قال تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً) [الحج : ٤٠] ، وقال ابن جرير(١): حدثني أبو حميد الحمصي أحمد بن المغيرة ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا حفص بن سليمان عن محمد بن سوقة ، عن وبرة بن عبد الرحمن ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء» ثم قرأ ابن عمر (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) وهذا إسناد ضعيف ، فإن يحيى بن سعيد هذا ، هو ابن العطار الحمصي ، وهو ضعيف جدا ، ثم قال ابن جرير (٢) : حدثنا أبو حميد الحمصي ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله ليصلح بصلاح الرجل المسلم ولده ، وولد ولده ، وأهل دويرته ، ودويرات حوله ، ولا يزالون في حفظ الله عزوجل ، ما دام فيهم» وهذا أيضا غريب ضعيف لما تقدم أيضا.
وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا علي بن إسماعيل بن حماد ، أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد ، أخبرنا زيد بن الحباب ، حدثني حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان رفع الحديث ، قال «لا يزال فيكم سبعة بهم تنصرون ، وبهم تمطرون ، وبهم ترزقون ، حتى يأتي أمر الله». وقال ابن مردويه أيضا : وحدثنا محمد بن أحمد ، حدثنا محمد بن جرير بن يزيد ، حدثنا أبو معاذ نهار بن معاذ بن عثمان الليثي ، عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن عبادة بن الصامت ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الأبدال في أمتي ثلاثون ، بهم ترزقون ، وبهم تمطرون ، وبهم تنصرون» قال قتادة ، إني لأرجو أن يكون الحسن منهم.
وقوله (وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) أي ذو منّ عليهم ورحمة بهم ، يدفع عنهم ببعضهم بعضا ، وله الحكم والحكمة والحجة على خلقه في جميع أفعاله وأقواله.
ثم قال تعالى : (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) أي هذه آيات الله التي قصصناها عليك من أمر الذين ذكرناهم بالحق ، أي بالواقع الذي كان عليه الأمر المطابق لما بأيدي أهل الكتاب من الحق الذي يعلمه علماء بني إسرائيل ، (وَإِنَّكَ) يا محمد (لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) وهذا توكيد وتوطئة للقسم.
(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ
__________________
(١) تفسير الطبري ٢ / ٦٤٦.