حدثنا أبي حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح المصري حدثنا أبي حدثنا ابن لهيعة حدثني عبيد الله ابن المغيرة عن أبي الهيثم واسمه سليمان بن عمرو عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقيل له : يا رسول الله إنا نقرأ من القرآن فنرجوا ونقرأ من القرآن فنكاد أن نيأس أو كما قال ، فقال : «أفلا أخبركم عن أهل الجنة وأهل النار ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : (الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) ـ إلى قوله ـ (الْمُفْلِحُونَ) هؤلاء أهل الجنة ، قالوا : إنا نرجو أن نكون هؤلاء ثم قال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ) ـ إلى قوله ـ (عَظِيمٌ) هؤلاء أهل النار قالوا : لسنا هم يا رسول الله ، قال : «أجل».
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٦)
يقول تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي غطوا الحق وستروه وقد كتب الله تعالى عليهم ذلك سواء عليهم إنذارك وعدمه فإنهم لا يؤمنون بما جئتهم به. كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) [يونس : ٩٦] وقال تعالى في حق المعاندين من أهل الكتاب : (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) [البقرة : ١٤٥] ، أي إن من كتب الله عليه الشقاوة فلا مسعد له ومن أضله فلا هادي له ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات وبلغهم الرسالة ، فمن استجاب لك فله الحظ الأوفر ومن تولى فلا تحزن عليهم ولا يهمنك ذلك (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) [الرعد : ٤٠] (إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [هود : ١٢] وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى فأخبره الله تعالى أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة في الذكر الأول ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاوة في الذكر الأول (١). وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي بما أنزل إليك وإن قالوا إنا قد آمنا بما جاءنا قبلك (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) أي إنهم قد كفروا بما عندهم من ذكرك وجحدوا ما أخذ عليهم من الميثاق وقد كفروا بما جاءك وبما عندهم مما جاءهم به غيرك فكيف يسمعون منك إنذارا وتحذيرا وقد كفروا بما عندهم من علمك. قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال : نزلت هاتان الآيتان في قادة الأحزاب وهم الذين قال الله فيهم: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ. جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها) [إبراهيم : ٢٨ ـ ٢٩] والمعنى الذي ذكرناه أولا وهو المروي عن ابن عباس في رواية علي بن أبي طلحة أظهر ، ويفسر ببقية الآيات التي في
__________________
(١) رواه السيوطي في الدر المنثور (١ / ٦٥). قال : وأخرجه ابن جريج وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير في السنة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات.