ولهذا يجازيه بالإهانة في العذاب الأليم المقيم ـ قال الإمام أحمد (١) : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن أيوب عن أشعث بن عبد الله ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة ، فإذا أوصى وحاف في وصيته فيختم بشر عمله فيدخل النار ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة ، فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة» قال : ثم يقول أبو هريرة ، اقرءوا إن شئتم (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ ـ إلى قوله ـ عَذابٌ مُهِينٌ) قال أبو داود (٢) في باب الإضرار في الوصية من سننه : حدثنا عبدة بن عبد الله ، أخبرنا عبد الصمد ، حدثنا نصر بن علي الحدّاني ، حدثنا الأشعث بن عبد الله بن جابر الحداني ، حدثني شهر بن حوشب أن أبا هريرة حدثه أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال «إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت ، فيضارّان في الوصية ، فتجب لهما النار» وقال قرأ عليّ أبو هريرة من هاهنا (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) ـ حتى بلغ ـ (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [النساء : ١٢] وهكذا رواه الترمذي وابن ماجة من حديث ابن عبد الله بن جابر الحداني به ، وقال الترمذي : حسن غريب ، وسياق الإمام أحمد أتم وأكمل.
(وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (١٥) وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) (١٦)
كان الحكم في ابتداء الإسلام أن المرأة إذا ثبت زناها بالبينة العادلة ، حبست في بيت فلا تمكن من الخروج منه إلى أن تموت ، ولهذا قال (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ) يعني الزنا (مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ، فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) فالسبيل الذي جعله الله هو الناسخ لذلك ، قال ابن عباس رضي الله عنه : كان الحكم كذلك حتى أنزل الله سورة النور ، فنسخها بالجلد أو الرجم ، وكذا روى عن عكرمة ، وسعيد بن جبير والحسن وعطاء الخراساني وأبي صالح وقتادة وزيد بن أسلم والضحاك ، أنها منسوخة ، وهو أمر متفق عليه.
قال الإمام أحمد (٣) : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا سعيد عن قتادة ، عن الحسن ، عن حطان بن عبد الله الرقاشي ، عن عبادة بن الصامت ، قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا نزل عليه الوحي ، أثر عليه ، وكرب لذلك ، وتربّد وجهه ، فأنزل الله عزوجل عليه ذات يوم ، فلما سري عنه ، قال : «خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا ، الثيب بالثيب ، والبكر بالبكر ، الثيب جلد مائة
__________________
(١) مسند أحمد ٢ / ٢٧٨.
(٢) سنن أبي داود (وصايا باب ٣)
(٣) مسند أحمد ٥ / ٣١٨.