السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [لقمان : ٢٥] وقال أيضا : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) قال : حين أخذ الميثاق (١).
(وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) أي يوم المعاد فيجازي كلا بعمله ثم قال تعالى : (قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا) يعني القرآن ، (وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) أي من الصحف والوحي ، (وَالْأَسْباطِ) وهم بطون بني إسرائيل المتشعبة من أولاد إسرائيل ـ وهو يعقوب ـ الاثني عشر ، (وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى) يعني بذلك التوراة والإنجيل ، (وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) وهذا يعم جميع الأنبياء جملة (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) يعني : بل نؤمن بجميعهم (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) فالمؤمنون من هذه الأمة يؤمنون بكل نبي أرسل ، وبكل كتاب أنزل ، لا يكفرون بشيء من ذلك ، بل هم يصدقون بما أنزل من عند الله ، وبكل نبي بعثه الله.
ثم قال تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) الآية ، أي من سلك طريقا سوى ما شرعه الله ، فلن يقبل منه (وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) كما قال النبيصلىاللهعليهوسلم في الحديث الصحيح «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد». وقال الإمام أحمد (٢) : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدثنا عباد بن راشد ، حدثنا الحسن ، حدثنا أبو هريرة إذ ذاك ونحن بالمدينة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «تجيء الأعمال يوم القيامة ، فتجيء الصلاة فتقول : يا رب ، أنا الصلاة ؛ فيقول إنك على خير ؛ وتجيء الصدقة فتقول : يا رب ، أنا الصدقة فيقول إنك على خير ، ثم يجيء الصيام فيقول : يا رب ، أنا الصيام ، فيقول : إنك على خير ، ثم تجيء الأعمال كل ذلك يقول الله تعالى : إنك على خير ، ثم يجيء الإسلام فيقول : يا رب ، أنت السلام وأنا الإسلام ، فيقول الله تعالى : إنك على خير ، بك اليوم آخذ وبك أعطي ، قال الله في كتابه (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) تفرد به أحمد ، قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد : عباد بن راشد ثقة ، ولكن الحسن لم يسمع من أبي هريرة.
(كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٨٦) أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (٨٧) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٨) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٨٩)
__________________
(١) الآثار الواردة سابقا في تفسير الطبري ٣ / ٣٣٤ ـ ٣٣٥.
(٢) مسند أحمد ٢ / ٣٦٢.