حنبل في رواية عنه.
[قول ثالث] قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن المديني ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا ابن عجلان ، حدثني نافع أن ابن عمر كان يقول : الأيام المعلومات والمعدودات هن جميعهن أربعة أيام ، فالأيام المعلومات : يوم النحر ، ويومان بعده ، والأيام المعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النحر ، هذا إسناد صحيح إليه ، وقاله السدي ، وهو مذهب الإمام مالك بن أنس ، ويعضد هذا القول والذي قبله قوله تعالى : (عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) يعني ذكر الله عند ذبحها.
[قول رابع] أنها يوم عرفة ويوم النحر ويوم آخر بعده ، وهو مذهب أبي حنيفة. وقال ابن وهب : حدثني ابن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال : المعلومات يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق.
وقوله : (عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) يعني الإبل والبقر والغنم كما فصلها تعالى في سورة الأنعام (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) [الأنعام : ١٤٣] الآية ، وقوله : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) استدل بهذه الآية من ذهب إلى وجوب الأكل من الأضاحي ، وهو قول غريب ، والذي عليه الأكثرون أنه من باب الرخصة أو الاستحباب ، كما ثبت أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما نحر هديه أمر من كل بدنة ببضعة فتطبخ ، فأكل من لحمها وحسا من مرقها (١). قال عبد الله بن وهب : قال لي مالك : أحب أن يأكل من أضحيته ، لأن الله يقول : (فَكُلُوا مِنْها) قال ابن وهب : وسألت الليث ، فقال لي مثل ذلك ، وقال سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم (فَكُلُوا مِنْها) قال : كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم فرخص للمسلمين ، فمن شاء أكل ومن لم يشأ لم يأكل ، وروي عن مجاهد وعطاء نحو ذلك.
قال هشيم عن حصين عن مجاهد في قوله : (فَكُلُوا مِنْها) قال : هي كقوله : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) [المائدة : ٢] (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) (٢) [الجمعة: ١٠] وهذا اختيار ابن جرير في تفسيره ، واستدل من نصر القول بأن الأضاحي يتصدق فيها بالنصف بقوله في هذه الآية : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) فجزأها نصفين : نصف للمضحي ونصف للفقراء ، والقول الآخر أنها تجزأ ثلاثة أجزاء : ثلث له وثلث يهديه وثلث يتصدق به ، لقوله تعالى في الآية الأخرى : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) [الحج : ٣٦] وسيأتي الكلام عليها عندها إن شاء الله وبه الثقة.
__________________
(١) أخرجه مسلم في الحج حديث ١٤٧ ، وأبو داود في المناسك باب ٥٦ ، والترمذي في الحج باب ٦ ، وابن ماجة في المناسك باب ٨٤ ، والأضاحي باب ١٥ ، والدارمي في المناسك باب ٣٤.
(٢) انظر تفسير الطبري ٩ / ١٣٨.