السميع لأقوال عباده مؤمنهم وكافرهم ، مصدقهم ومكذبهم ، البصير بهم فيعطي كلا منهم ما يستحقه في الدنيا والآخرة.
(ذكر الأحاديث الواردة في الإسراء : رواية أنس بن مالك رضي الله عنه)
قال الإمام أبو عبد الله البخاري : حدثني عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا سليمان ـ هو ابن بلال ـ عن شريك بن عبد الله قال : سمعت أنس بن مالك يقول ليلة أسري برسول اللهصلىاللهعليهوسلم من مسجد الكعبة : إنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم : أيهم هو؟ فقال أوسطهم : هو خيرهم ، فقال آخرهم : خذوا خيرهم ، فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه ـ وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ـ فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم ، فتولاه منهم جبريل فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته (١) حتى فرغ من صدره وجوفه ، فغسله من ماء زمزم بيده حتى أنقى جوفه ، ثم أتى بطست من ذهب فيه تور من ذهب محشو إيمانا وحكمة فحشا به صدره ولغاديده ـ يعني عروق حلقه ـ ثم أطبقه ثم عرج به إلى السماء الدنيا ، فضرب بابا من أبوابها ، فناداه أهل السماء : من هذا؟ فقال : جبريل ، قالوا : ومن معك؟ قال : معي محمد ، قالوا : وقد بعث إليه؟ قال : نعم ، قالوا : فمرحبا به وأهلا ، يستبشر به أهل السماء لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به في الأرض حتى يعلمهم ، فوجد في السماء الدنيا آدم فقال له جبريل : هذا أبوك آدم فسلم عليه ، فسلم عليه ورد عليه آدم فقال : مرحبا وأهلا بابني نعم الابن أنت ، فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان فقال : «ما هذان النهران يا جبريل؟» قال : هذان النيل والفرات عنصرهما.
ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد ، فضرب بيده فإذا هو مسك أذفر فقال : ما هذا يا جبريل؟ قال : هذا الكوثر الذي خبأه لك ربك.
ثم عرج به إلى السماء الثانية فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الملائكة الأولى : من هذا؟ قال : جبريل. قالوا : ومن معك؟ قال : محمد صلىاللهعليهوسلم. قالوا : وقد بعث إليه؟ قال : نعم. قالوا : مرحبا به وأهلا ، ثم عرج به إلى السماء الثالثة فقالوا له مثل ما قالت الأولى والثانية ، ثم عرج به إلى السماء الرابعة فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السماء الخامسة فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السماء السادسة فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السماء السابعة فقالوا له مثل ذلك ، كل سماء فيها أنبياء قد سماهم فوعيت منهم إدريس في الثانية وهارون في الرابعة وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه ، وإبراهيم في السادسة وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله
__________________
(١) لبّته : اللبة : بفتح اللام : موضع النحر.