ومن كان ذا مال فيبخل بماله |
|
على قومه يستغن عنه ويذمم (١) |
ومتى بسطت يدك فوق طاقتك ، قعدت بلا شيء تنفقه ، فتكون كالحسير ، وهو الدابة التي عجزت عن السير فوقفت ضعفا وعجزا ، فإنها تسمى الحسير ، وهو مأخوذ من الكلال ، كما قال (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) [الملك : ٤] أي كليل عن أن يرى عيبا ، هكذا فسر هذه الآية بأن المراد هنا البخل والسرف : ابن عباس والحسن وقتادة وابن جريج وابن زيد وغيرهم.
وقد جاء في الصحيحين من حديث أبي الزناد عن الأعرج ، عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثديهما إلى تراقيهما ، فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت أو وفرت على جلده حتى تخفي بنانه وتعفو أثره ، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزقت كل حلقة منها مكانها ، فهو يوسعها فلا تتسع» (٢). هذا لفظ البخاري في الزكاة.
وفي الصحيحين من طريق هشام بن عروة عن زوجته فاطمة بنت المنذر ، عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنفقي هكذا وهكذا وهكذا ولا توعي فيوعي الله عليك ، ولا توكي فيوكي الله عليك» (٣). وفي لفظ «ولا تحصي فيحصي الله عليك» (٤). وفي صحيح مسلم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم «إن الله قال لي : أنفق ، أنفق عليك» (٥) وفي الصحيحين من طريق معاوية بن أبي مزرد عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان من السماء يقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا» (٦).
وروى مسلم عن قتيبة عن إسماعيل بن جعفر عن العلاء عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعا «ما نقص مال من صدقة ، وما زاد الله عبدا أنفق إلا عزا ، ومن تواضع لله رفعه الله» (٧) وفي حديث أبي كثير عن عبد الله بن عمرو مرفوعا «إياكم والشحّ فإنه أهلك من كان قبلكم ، أمرهم
__________________
(١) البيت في ديوان زهير بن أبي سلمى ص ٣٠.
(٢) أخرجه البخاري في الزكاة باب ٢٨ ، ومسلم في الزكاة حديث ٧٦ ، ٧٧.
(٣) أخرجه بهذا اللفظ البخاري في الزكاة باب ٢١ ، وأبو داود في الزكاة باب ٤٦ ، والترمذي في البر باب ٤٠ ، والنسائي في الزكاة باب ٦٢ ، وأحمد في المسند ٦ / ٢١٤ ، ٢٥٤.
(٤) أخرجه بهذا اللفظ البخاري في الزكاة باب ٢١ ، والهبة باب ١٥ ، ومسلم في الزكاة حديث ٨٨ ، ٨٩.
(٥) أخرجه مسلم في الزكاة حديث ٣٦ ، ٣٧.
(٦) أخرجه البخاري في الزكاة باب ٢٧ ، ومسلم في الزكاة حديث ٥٧.
(٧) أخرجه مسلم في البر حديث ٦٩.