مرسل ، ورواه غير النضر على الصواب.
وقد رواه النسائي أيضا وأبو داود عن الحسين بن حريث ، أخبرنا الفضل بن موسى ، أخبرنا الحسين بن واقد عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة ، عن ابن عباس عن النبيصلىاللهعليهوسلم فذكره وهذا الإسناد جيد. وقد اختلف الناس في هذا الحديث ما بين مضعف له كما تقدم عن النسائي ، ومنكر كما قال الإمام أحمد : هو حديث منكر ، وقال ابن قتيبة : إنما أراد أنها سخية لا تمنع سائلا ، وحكاه النسائي في سننه عن بعضهم فقال وقيل : سخية تعطي ، ورد هذا بأن لو كان المراد لقال : لا تردّ يد ملتمس ، وقيل المراد أن سجيتها لا ترديد لامس لا أن المراد أن هذا واقع منها وأنها تفعل الفاحشة ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يأذن في مصاحبة من هذه صفتها ، فإن زوجها والحالة هذه يكون ديوثا ، وقد تقدم الوعيد على ذلك ، ولكن لما كانت سجيتها هكذا ليس فيها ممانعة ولا مخالفة لمن أرادها لو خلا بها أحد ، أمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم بفراقها ، فلما ذكر أنه يحبها أباح له البقاء معها لأن محبته لها محققة ووقوع الفاحشة منها متوهم فلا يصار إلى الضرر العاجل لتوهم الآجل ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قالوا فأما إذا حصلت توبة فإنه يحل التزويج ، كما قال الإمام أبو محمد بن أبي حاتم رحمهالله : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد عن ابن أبي ذئب قال : سمعت شعبة مولى ابن عباس رضي الله عنه قال : سمعت ابن عباس وسأله رجل فقال : إني كنت ألم بامرأة آتي منها ما حرم الله عزوجل علي ، فرزقني الله عزوجل من ذلك توبة ، فأردت أن أتزوجها ، فقال أناس : إن الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة ، فقال ابن عباس : ليس هذا في هذا ، انكحها فما كان من إثم فعلي ، وقد ادعى طائفة آخرون من العلماء أن هذه الآية منسوخة ، قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : ذكر عنده (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) قال : كان يقال نسختها التي بعدها (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) قال : كان يقال الأيامى من المسلمين ، وهكذا رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الناسخ والمنسوخ له عن سعيد بن المسيب ، ونص على ذلك أيضا الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي.
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥)
هذه الآية الكريمة فيها بيان حكم جلد القاذف للمحصنة ، وهي الحرة البالغة العفيفة ، فإذا كان المقذوف رجلا فكذلك يجلد قاذفه أيضا ، وليس في هذا نزاع بين العلماء ، فإن أقام القاذف بينة على صحة ما قاله درأ عنه الحد ، ولهذا قال تعالى : (ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) فأوجب على القاذف ، إذا لم يقم