زخارفها وزينتها ، تمنوا أن لو كان لهم مثل الذي أعطي قالوا (يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) أي ذو حظ وافر من الدنيا ، فلما سمع مقالتهم أهل العلم النافع قالوا لهم (وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) أي جزاء الله لعباده المؤمنين الصالحين في الدار الآخرة خير مما ترون. كما في الحديث الصحيح «يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر واقرءوا إن شئتم (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١) [السجدة : ١٧]. وقوله : (وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ) قال السدي : ولا يلقى الجنة إلا الصابرون ، كأنه جعل ذلك من تمام الكلام الذين أوتوا العلم. قال ابن جرير : ولا يلقى هذه الكلمة إلا الصابرون ، عن محبة الدنيا الراغبون في الدار الآخرة وكأنه جعل ذلك مقطوعا من كلام أولئك ، وجعله من كلام الله عزوجل وإخباره بذلك.
(فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ (٨١) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) (٨٢)
لما ذكر تعالى اختيال قارون في زينته وفخره على قومه وبغيه عليهم عقب ذلك بأنه خسف به وبداره الأرض ، كما ثبت في الصحيح عند البخاري من حديث الزهري عن سالم أن أباه حدثه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «بينما رجل يجر إزاره إذ خسف به ، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة» (٢). ثم رواه من حديث جرير بن زيد عن سالم عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم نحوه. وقال الإمام أحمد (٣) : حدثنا النضر بن إسماعيل أبو المغيرة القاص ، حدثنا الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بينما رجل فيمن كان قبلكم خرج في بردين أخضرين يختال فيهما ، أمر الله الأرض فأخذته ، فإنه ليتجلجل فيها إلى يوم القيامة» تفرد به أحمد ، وإسناده حسن.
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي ، حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا أبو يعلى بن منصور ، أخبرني محمد بن مسلم ، سمعت زياد النميري يحدث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بينما رجل فيمن كان قبلكم خرج في بردين فاختال فيهما ، فأمر الله الأرض فأخذته ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة». وقد ذكر الحافظ محمد بن المنذر في كتاب العجائب الغريبة بسنده عن نوفل بن مساحق قال : رأيت شابا في مسجد نجران ، فجعلت أنظر
__________________
(١) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٣٥ ، ومسلم في الإيمان حديث ٣١٢.
(٢) أخرجه البخاري في اللباس باب ٥.
(٣) المسند ٣ / ٤٠.