اللؤلؤ ، وآنيتها اللؤلؤ ، وترابها المسك ، وسبع وتسعون بعد ذلك ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ثم تلا هذه الآية (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ) الآية.
وقال ابن جرير (١) : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا معتمر بن سليمان عن الحكم بن أبان عن الغطريف عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم عن الروح الأمين قال «يؤتى بحسنات العبد وسيئاته ينقص بعضها من بعض ، فإن بقيت حسنة واحدة وسع الله له في الجنة ، قال : فدخلت على بزداد فحدث بمثل هذا الحديث ، قال : فقلت فأين ذهبت الحسنة؟ قال (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ) الآية ، قلت : قوله تعالى: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) قال : العبد يعمل سرا أسره إلى لله لم يعلم به الناس ، فأسر الله له يوم القيامة قرة أعين.
(أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ(٢٠) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) (٢٢)
يخبر تعالى عن عدله وكرمه أنه لا يساوي في حكمه يوم القيامة من كان مؤمنا بآياته متبعا لرسله ، بمن كان فاسقا أي خارجا عن طاعة ربه ، مكذبا لرسل الله إليه ، كما قال تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) [الجاثية : ٢١] وقال تعالى : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) [ص : ٢٨] وقال تعالى : (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) [الحشر : ٢٠] الآية ، ولهذا قال تعالى هاهنا (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) أي عند الله يوم القيامة.
وقد ذكر عطاء بن يسار والسدي وغيرهما أنها نزلت في علي بن أبي طالب وعقبة بن أبي معيط ، ولهذا فصل حكمهم فقال (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي صدقت قلوبهم بآيات الله وعملوا بمقتضاها وهي الصالحات (فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى) أي التي فيها المساكن والدور والغرف العالية (نُزُلاً) أي ضيافة وكرامة (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا) أي خرجوا عن الطاعة فمأواهم النار ، كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ، كقوله (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها) [الحج : ٢٢] الآية قال الفضيل بن عياض : «والله إن الأيدي لموثقة ، وإن الأرجل لمقيدة ، وإن اللهب ليرفعهم ، والملائكة تقمعهم (وَقِيلَ لَهُمْ
__________________
(١) تفسير الطبري ١٠ / ٢٤٣.